تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٢١
الدنيا)، بأن أظهرهم على عدوهم، (وحسن ثواب الآخرة): الجنة بلا خلاف.
قال الفخر: ولا شك أن ثواب الآخرة هي الجنة، وذلك غير حاصل في الحال، فيكون المراد أنه سبحانه، لما حكم لهم بحصولها في الآخرة، قام حكمه لهم بذلك مقام الحصول في الحال، ومحمل قوله: (آتاهم) أنه سيؤتيهم.
وقيل: ولا يمتنع أن تكون هذه الآية خاصة بالشهداء، وأنه تعالى في حال نزول هذه الآية، كان قد آتاهم حسن ثواب الآخرة. انتهى.
(يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (149) بل الله مولاكم وهو خير الناصرين (150) سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين (151) ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين (152)) وقوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا)، يعني: المنافقين الذين خيبوا المسلمين، وقالوا في أمر أحد: لو كان محمد نبيا، لم ينهزم.
وقوله سبحانه: (بل الله مولاكم وهو خير الناصرين) هذا تثبيت لهم، وقوله سبحانه: (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب) سبب هذه الآية أنه لما ارتحل أبو سفيان بالكفار، رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فتجهز، واتبع المشركين، وكان معبد بن أبي معبد الخزاعي قد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: والله يا محمد، لقد ساءنا ما أصابك، وكانت خزاعة تميل إلى النبي صلى الله عليه وسلم /، ثم ركب معبد، حتى لحق بأبي سفيان، فلما رأى أبو سفيان معبدا، قال: ما وراءك، يا معبد؟ قال محمد في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله، يتحرقون عليكم قد اجتمع معه من كان تخلف عنه، وندموا على ما صنعوا، قال: ويلك!
ما تقول؟ قال: والله، ما أراك أن ترحل حتى ترى نواصي الخيل، قال: فوالله، لقد
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة