برجل قد تسبب إلى هلاك نفسه هلاكا لا يرجى معه نجاة فصور حاله بصورة من خر من السماء فاختطفه الطير في الهوى فتمزق مزعا (245) في حواصلها أو عصفت به الريح حتى هوت في بعض المطارح البعيدة وعلى هذا لا ينظر إلى كل فرد من أفراد الشبه ومقابلته من المشبه به. والثاني أن يكون من التشبيه المفرق فيقابل كل واحد من أجزاء الممثل بالممثل به وعلى هذا فيكون قد شبه الإيمان (246) والتوحيد في علوه وسعته وشرفه بالسماء التي هي مصعده ومهبطه، فمنها يهبط إلى الأرض وإليها يصعد منها وشبه تارك الإيمان والتوحيد بالساقط من السماء إلى أسفل سافلين من حيث التضييق الشديد والآلام المتراكمة والطير الذي يخطف (247) أعضاءه ويمزقه فقال كل ممزق بالشياطين التي يرسلها الله سبحانه وتعالى عليه تؤزه أي أزا وتزعجه وتقلقه إلى مظان هلاكه، فكل شيطان له مزعة من دينه وقلبه كما أن لكل طير مزعة من لحمه وأعضائه، والريح التي تهوي به في مكان سحيق (248) هو هواه الذي يحمله القاء نفسه في أسفل مكان وأبعده من السماء.
فصل: ومنها قوله تعالى: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب. وما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز) (249) حقيق كل عبد أن يستمع (250) لهذا