كتاب الأمثال للعلامة ابن القيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على خير البرية محمد وآله وصحبه أجمعين قال شيخنا رحمه الله وقع في
القرآن أمثال وان أمثال (١)
القرآن لا يعقلها إلا العالمون وأنها شبيه (٢) شئ بشئ في حكمه وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الأخر واعتبار أحدهما بالآخر كقوله تعالى في حق
المنافقين:
﴿ومثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت وسلم ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يصبرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم - إلى قوله - إن الله على كل شئ قدير﴾ (3) فضرب للمنافقين بحسب حالهم مثلين مثلا ناريا (4) ومثلا مائيا لما في الماء والنار (5) من الإضاءة والإشراق والحياة فإن النار مادة النور والماء مادة الحياة وقد جعل الله سبحانه الوحي الذي أنزل من السماء متضمنا لحياة القلوب واستنارتها ولهذا سماه روحا ونورا (6) وجعل قابلية أحياء في النور ومن لم يرفع به رأسا أمواتا في الظلمات، وأخبر عن حال
المنافقين بالنسبة إلى حظهم من الوحي أنهم بمنزلة من استوقد نارا لتضئ له وينتفع بها وهذا لأنهم دخلوا في الإسلام، فاستضاؤوا به وانتفعوا به