فصل: ومنها قوله تعالى: (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) (42) ذكر سبحانه للكافرين مثلين مثلا بالسراب ومثلا بالظلمات المتراكمة وذلك لأن المعرضين عن الهدى والحق نوعان أحدهما من يظن أنه على شئ فيتبين له عند انكشاف الحقائق خلاف ما كان يظنه وهذه حال أهل الجهل وأهل البدع والأهواء الذين يظنون أنهم على هدى وعلم فإذا انكشفت الحقائق تبين لهم أنهم لم يكونوا على شئ وأن عقائدهم (43) وأعمالهم (44) التي ترتبت عليها كانت كسراب يرى في أعين (45) الناظرين ماء ولا حقيقة له وهكذا الأعمال (46) التي لغير الله عز وجل وعلى غير أمره يحسبها العامل نافعة له (47) وليست كذلك وهذه هي الأعمال التي قال الله عز وجل فيها:
(وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا (48))، وتأمل جعل الله سبحانه السراب بالقيعة وهي الأرض الخالية القفر من البناء والشجر