الأمثال في القرآن - ابن قيم الجوزية - الصفحة ١٣
بالأرض الذي ينزل الغيث عليها فتعشب ويحسن نباتها ويروق منظرها للناظر فيغتر به ويظن أنه قادر عليها مالك لها فيأتيها أمر الله فتدرك نباتها الآفة بغتة فتصبح كأن لم تكن قبل فيخيب ظنه وتصبح يداه صفرا منهما فهكذا (٢٧) حال الدنيا والواثق بها سواء، وهذا من أبلغ التشبيه والقياس. فلما كانت الدنيا عرضة لهذه الآفات والجنة سليمة منها قال تعالى تعالى: ﴿والله يدعوا إلى دار السلام﴾ (٢٨) فسماها هنا دار السلام لسلامتها من هذه الآفات التي ذكرها في الدنيا فعم بالدعوة إليها وخص بالهداية من شاء فذلك عدله وهذا فضله (٢٩).
فصل: ومنها قوله تعالى: ﴿مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون﴾ (٣٠) فإنه سبحانه وتعالى ذكر الكفار ووصفهم بأنهم ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ثم ذكر المؤمنين ووصفهم بالإيمان والعمل الصالح والإخبات إلى ربهم فوصفهم بعبودية الظاهر وبالباطن جعل أحد الفريقين كالأعمى والأصم من حيث كان قلبه أعمى عن رؤية الحق أصم عن سماعه فشبهت (٣١) بمن بصره أعمى عن رؤية أحق الأشياء (٣٢) وسمعه أصم عن سماع الأصوات والفريق الآخر بصير القلب سميعه كبصير العين وسميع الأذن فتضمنت الآية قياسين وتمثيلين للفريقين ثم نفى التسوية عن الفريقين بقوله ﴿هل يستويان مثلا﴾ (٣٣) فصل: ومنها قوله تعالى: ﴿مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت﴾ (34) فذكر سبحانه إنهم ضعفاء وأن الذين اتخذوهم أولياء

(٢٧) في م (فكذا).
(٢٨) يونس: ٢٥ (٢٩) معترك الاقران ١ / ٤٦٧ وابن كثير ٢ / ٤١٣، والنسفي ٢ / ١٥٩ والطبري ١١ / ١٠٢.
(٣٠) هود: ٢٤.
(٣١) في م (فشبهه).
(٣٢) في م، ع (رؤية الأشياء).
(٣٣) هود: ٢٤ انظر تفسير الطبري ١٢ / ٢٥ وغرائب القرآن ١١ / ١٧.
(٣٤) العنكبوت: ٤١.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مراجع الكتاب 5
2 مواقف المنافقين في أمثال القرآن 9
3 فصل: تشبيه الماء الذي ينزل من السماء وفيه الخير بالمؤمن 12
4 فصل: مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع 13
5 فصل: مثل المتخذ من دون الله أولياء " بالعنكبوت " 14
6 فصل: مثل من عمله كسراب ومثل من عمله كظلمات في بحر لجي 15
7 فصل: مثل من عرف الحق والهدى وعمل بغيره 17
8 فصل: مثل من يسمع ولا يعقل 19
9 فصل: الشرك بالله 20
10 فصل: مثل من أعرض عن كلام الله 26
11 فصل: مثل الذين حملوا التوراة 27
12 فصل: مثل الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها 28
13 سبب الخلود إلى الأرض: فصل: مثل التجسس والظن والاغتياب 33
14 فصل: مثل من أعمالهم كرماد 34
15 فصل: مثل الكلمة الطيبة 35
16 فصل: الكلام على النخلة 37
17 فصل: مثل الكلمة الخبيثة 40
18 فصل: التثبت بالقول الصالح 41
19 فصل: سؤال القبر 43
20 فصل: مثل الشرك بالله " فكأنما خر من السماء " 46
21 فصل: مثل الشرك بالله " لن يخلقوا ذبابا " 47
22 فصل: مثل الذي ينعق 48
23 فصل: مثل الانفاق " مثل حبة " 50
24 فصل: مثل ما ينفقون " مثل ريح فيها صر " 53
25 فصل: ضرب الله مثلا رجلا 54
26 فصل: مثل امرأة نوح - ولوط وامرأة فرعون - ومريم 55