بالأرض الذي ينزل الغيث عليها فتعشب ويحسن نباتها ويروق منظرها للناظر فيغتر به ويظن أنه قادر عليها مالك لها فيأتيها أمر الله فتدرك نباتها الآفة بغتة فتصبح كأن لم تكن قبل فيخيب ظنه وتصبح يداه صفرا منهما فهكذا (٢٧) حال الدنيا والواثق بها سواء، وهذا من أبلغ التشبيه والقياس. فلما كانت الدنيا عرضة لهذه الآفات والجنة سليمة منها قال تعالى تعالى: ﴿والله يدعوا إلى دار السلام﴾ (٢٨) فسماها هنا دار السلام لسلامتها من هذه الآفات التي ذكرها في الدنيا فعم بالدعوة إليها وخص بالهداية من شاء فذلك عدله وهذا فضله (٢٩).
فصل: ومنها قوله تعالى: ﴿مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون﴾ (٣٠) فإنه سبحانه وتعالى ذكر الكفار ووصفهم بأنهم ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ثم ذكر المؤمنين ووصفهم بالإيمان والعمل الصالح والإخبات إلى ربهم فوصفهم بعبودية الظاهر وبالباطن جعل أحد الفريقين كالأعمى والأصم من حيث كان قلبه أعمى عن رؤية الحق أصم عن سماعه فشبهت (٣١) بمن بصره أعمى عن رؤية أحق الأشياء (٣٢) وسمعه أصم عن سماع الأصوات والفريق الآخر بصير القلب سميعه كبصير العين وسميع الأذن فتضمنت الآية قياسين وتمثيلين للفريقين ثم نفى التسوية عن الفريقين بقوله ﴿هل يستويان مثلا﴾ (٣٣) فصل: ومنها قوله تعالى: ﴿مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت﴾ (34) فذكر سبحانه إنهم ضعفاء وأن الذين اتخذوهم أولياء