والنبات (٤٩) والعالم فمحل السراب أرض قفر لا شئ (٥٠) بها والسراب لا حقيقة له وذلك مطابق لأعمالهم وقلوبهم التي أقفرت من الإيمان والهدى، وتأمل ما تحت قوله
﴿يحسبه الظمآن ماء والظمآن﴾ (51) الذي اشتد عطشه فرأى السراب فظنه ماء فتبعه فلم يجده شيئا بل خانه أحوج ما كان إليه فكذلك هؤلاء لما كانت أعمالهم على غير طاعة الرسل (52) عليهم
الصلاة والسلام ولغير الله جعلت كالسراب فرفعت لهم أظمأ ما كانوا إليها (53) فلم يجدوا شيئا ووجدوا الله سبحانه (54) ثم فجازاهم بأعمالهم ووفاهم حسابهم، وفي الصحيح من حديث
أبي سعيد الخدري (55) رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم في حديث التجلي
يوم القيامة (ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها السراب فيقال لليهود وما كنتم تعبدون؟ فيقولون كنا نعبد عزيرا ابن الله فيقال: كذبهم لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا فيقال اشربوا فيتساقطون في جهنم ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون فيقولون كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال: كذبتم ما كان لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: أن تسقينا فيقال لهم: اشربوا فيتساقطون، وذكر الحديث (56) وهذه حال كل صاحب باطل فإنه يخونه باطله أحوج ما كان إليه فإن
الباطل لا حقيقة له وهو كاسمه باطل فإذا كان الاعتقاد غير مطابق ولا حق كان متعلقه باطلا وكذلك إذا كانت غاية العمل باطلة (57) كالعمل لغير الله عز وجل أو على غير أمره
بطل