* وما يدري الفقير متى غناه * وما يدري الغني متى يعيل * عال: افتقر، وأعال: كثر عياله. قال مقاتل: * (فأغنى) * رضاك بما أعطاك من الرزق. وقيل: أغناك بالقناعة والصبر. وقيل: بالكفاف. ولما عدد عليه هذه النعم الثلاث، وصاه بثلاث كأنها مقابلة لها. * (فلا تقهر) *، قال مجاهد: لا تحتقر. وقال ابن سلام: لا تستزله. وقال سفيان: لا تظلمه بتضييع ماله. وقال الفراء: لا تمنعه حقه، والقهر هو التسليط بما يؤذي. وقرأ الجمهور: * (تقهر) * بالقاف؛ وابن مسعود وإبراهيم التيمي: بالكاف بدل القاف، وهي لغة بمعنى قراءة الجمهور. * (وأما السائل) *: ظاهره المستعطي، * (فلا تنهر) *: أي تزجره، لكن أعطه أو رده ردا جميلا. وقال قتادة: لا تغلظ عليه، وهذه في مقابلة * (ووجدك عائلا فأغنى) *؛ فالسائل، كما قلنا: المستعطي، وقاله الفراء وجماعة. وقال أبو الدرداء والحسن وغيرهما: السائل هنا: السائل عن العلم والدين، لا سائل المال، فيكون بإزاء * (ووجدك ضالا فهدى) *.
* (وأما بنعمة ربك فحدث) *، قال مجاهد والكلبي: معناه بث القرآن وبلغ ما أرسلت به. وقال محمد بن إسحاق: هي النبوة. وقال آخرون: هي عموم في جميع النعم. وقال الزمخشري: التحديث بالنعم: شكرها وإشاعتها، يريد ما ذكره من نعمة الإيواء والهداية والإغناء وما عدا ذلك، انتهى. ويظهر أنه لما تقدم ذكر الامتنان عليه بذكر الثلاثة، أمره بثلاثة: فذكر اليتيم أولا وهي البداية، ثم ذكر السائل ثانيا وهو العائل، وكان أشرف ما امتن به عليه هي الهداية، فترقى من هذين إلى الأشرف وجعله مقطع السورة، وإنما وسط ذلك عند ذكر الثلاثة، لأنه بعد اليتيم هو زمان التكليف، وهو عليه الصلاة والسلام معصوم من اقتراف ما لا يرضي الله عز وجل في القول والفعل والعقيدة، فكان ذكر الامتنان بذلك على حسب الواقع بعد اليتيم وحالة التكليف، وفي الآخر ترقى إلى الأشرف، فهما مقصدان في الخطاب.