تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤٧٧
((سورة الليل)) مكية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (واليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * وما خلق الذكر والا نثى * إن سعيكم لشتى * فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى * وما يغنى عنه ماله إذا تردى * إن علينا للهدى * وإن لنا للا خرة والا ولى * فأنذرتكم نارا تلظى * لا يصلاهآ إلا الا شقى * الذى كذب وتولى * وسيجنبها الا تقى * الذى يؤتى ماله يتزكى * وما لاحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغآء وجه ربه الا على * ولسوف يرضى) *)) 2 * (واليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * وما خلق الذكر والانثى * إن سعيكم لشتى * فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى * وما يغنى عنه ماله إذا تردى * إن علينا للهدى * وإن لنا للاخرة والاولى * فأنذرتكم نارا تلظى * لا يصلاها إلا الاشقى * الذى كذب وتولى * وسيجنبها الاتقى * الذى * يؤتى ماله يتزكى * وما لاحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى * ولسوف يرضى) *.
هذه السورة مكية. وقال علي بن أبي طلحة: مدنية. وقيل: فيها مدني. ولما ذكر فيما قبلها * (قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها) *، ذكر هنا من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما تحصل به الخيبة، ثم حذر النار وذكر من يصلاها ومن يتجنبها، ومفعول يغشى محذوف، فاحتمل أن يكون النهار، كقوله: * (وهو الذى مد) *، وأن يكون الشمس، كقوله: * (واليل إذا يغشاها) *. وقيل: الأرض وجميع ما فيها بظلامه. وتجلى: انكشف وظهر، إما بزوال ظلمة الليل، وإما بنور الشمس. أقسم بالليل الذي فيه كل حيوان يأوي إلى مأواه، وبالنهار الذي تنتشر فيه. وقال الشاعر:
* يجلي السرى من وجهه عن صفيحة * على السير مشراق كثير شحومها * وقرأ الجمهور: * (تجلى) * فعلا ماضيا، فاعله ضمير النهار. وقرأ عبد الله بن عبيد بن عمير: تتجلى بتاءين، يعني الشمس. وقرئ: تجلى بضم التاء وسكون الجيم، أي الشمس.
* (وما خلق) *: ما مصدرية أو بمعنى الذي، والظاهر عموم الذكر والأنثى. وقيل: من بني آدم فقط لاختصاصهم بولاية الله تعالى وطاعته. وقال ابن عباس والكلبي والحسن: هما آدم وحواء. والثابت في مصاحف الأمصار والمتواتر * (وما خلق الذكر والانثى) *، وما ثبت في الحديث من قراءة. والذكر والأنثى: نقل آخاد مخالف للسواد، فلا يعد قرآنا. وذكر ثعلب أن من السلف من قرأ: وما خلق الذكر، بجر الذكر، وذكرها الزمخشري عن الكسائي، وقد خرجوه على البدل من على تقدير: والذي خلق الله، وقد يخرج على توهم المصدر، أي وخلق الذكر والأنثى، كما قال الشاعر:
* تطوف العفاة بأبوابه * كما طاف بالبيعة الراهب *
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»