تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤٨٥
((سورة التين)) مكية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (والتين والزيتون * وطور سينين * وهاذا البلد الا مين * لقد خلقنا الإنسان فىأحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون * فما يكذبك بعد بالدين * أليس الله بأحكم الحاكمين) *)) 2 التين: هو الفاكهة المعروفة، واسم جبل، وتأتي أقوال المفسرين فيه.
* (والتين والزيتون * وطور سينين * وهاذا البلد الامين * لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون * فما يكذبك بعد بالدين * أليس الله بأحكم الحاكمين) *.
هذه السورة مكية في قول الجمهور. وقال ابن عباس وقتادة: مدنية. ولما ذكر فيما قبلها من كمله الله خلقا وخلقا وفضله على سائر العالم، ذكر هنا حالة من يعاديه، وأنه يرده أسفل سافلين في الدنيا والآخرة، وأقسم تعالى بما أقسم به أنه خلقه مهيأ لقبول الحق، ثم نقله كما أراد إلى الحالة السافلة. والظاهر أن التين والزيتون هما المشهوران بهذا الاسم، وفي الحديث: (مدح التين وأنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس)، وقال تعالى: * (وشجرة تخرج من طور سيناء) *، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة والنخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي. وقال كعب وعكرمة: أقسم تعالى بمنابتهما، فإن التين ينبت كثيرا بدمشق، والزيتون بإيليا، فأقسم بالأرضين. وقال قتادة: هما جبلان بالشام، على أحدهما دمشق وعلى الآخر بيت المقدس، انتهى. وفي شعر النابغة ذكر التين وشرح بأنه جبل مستطيل. قال النابغة:
* صهب الظلال أبين التين عن عرض * يزجين غيما قليلا ماؤه شبها * وقيل: هما مسجدان، واضطربوا في مواضعهما اضطرابا كثيرا ضربنا عن ذلك صفحا. ولم يختلف في طور سيناء أنه جبل بالشام، وهو الذي كلم الله تعالى موسى عليه السلام عليه. ومعنى * (سينين) *: ذو الشجر. وقال عكرمة: حسن مبارك. وقرأ الجمهور: * (سينين) *؛ وابن أبي إسحاق وعمرو بن ميمون وأبو رجاء: بفتح السين، وهي لغة بكر وتميم. قال
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»