تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤٢٧
((سورة الانفطار)) مكية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (إذا السمآء انفطرت * وإذا الكواكب انتثرت * وإذا البحار فجرت * وإذا القبور بعثرت * علمت نفس ما قدمت وأخرت * ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذى خلقك فسواك فعدلك * فىأى صورة ما شآء ركبك * كلا بل تكذبون بالدين * وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون * إن الا برار لفى نعيم * وإن الفجار لفى جحيم * يصلونها يوم الدين * وما هم عنها بغآئبين * ومآ أدراك ما يوم الدين * ثم مآ أدراك ما يوم الدين * يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والا مر يومئذ لله) *)) 2 * (بعثرت المتاع: قلبته ظهرا لبطن، وبعثرت الحوض وبحثرته: هدمته وجعلت أعلاه أسفله.
* (إذا السماء انفطرت، وإذا الكواكب انتثرت، وإذا البحار فجرت، وإذا القبور بعثرت، علمت نفس ما قدمت وأخرت، يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك، كلا بل تكذبون بالدين، وإن عليكم لحافظين، كراما كاتبين، يعلمون ما تفعلون، إن الأبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفي جحيم، يصلونها يوم الدين، وما هم عنها بغائبين، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدريك ما يوم الدين، يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) *.
هذه السورة مكية. وانفطارها تقدم الكلام فيه، وانتثار الكواكب: سقوطها من مواضعها كالنظام. وقرأ الجمهور: * (فجرت) * بتشديد الجيم؛ ومجاهد والربيع بن خيثم والزعفراني والثوري: بخفها، وتفجيرها من امتلائها، فتفجر من أعلاها وتفيض على ما يليها، أو من أسفلها فيذهب الله ماءها حيث أراد. وعن مجاهد: فجرت مبنيا للفاعل مخففا بمعنى: بغت لزوال البرزخ نظرا إلى قوله تعالى: * (لا يبغيان) *، لأن البغي والفجر متقابلان. * (بعثرت) *، قال ابن عباس: بحثت. وقال السدي: أثيرت لبعث الأموات. وقال الفراء: أخرج ما في بطنها من الذهب والفضة. وقال الزمخشري: بعثر وبحثر بمعنى واحد، وهما مركبان من البعث والبحث مع راء مضمومة إليهما، والمعنى: بحثت وأخرج موتاها. وقيل: لبراءة المبعثرة، لأنها بعثرت أسرار المنافقين. انتهى. فظاهر قوله أنهما مركبان أن مادتهما ما ذكر، وأن الراء ضمت إلى هذه المادة، والأمر ليس كما يقتضيه كلامه، لأن الراء ليست من حروف الزيادة، بل هما مادتان مختلفتان وإن اتفقا من حيث المعنى. وأما أن إحداهما مركبة من كذا فلا، ونظيره قولهم: دمث ودمثر وسب وسبطر. * (ما قدمت وأخرت) *: تقدم الكلام على شبهه في سورة القيامة.
وقرأ الجمهور: * (ما غرك) *، فما استفهامية. وقرأ ابن جبير والأعمش: ما أغرك
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»