تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤٢
((سورة الجاثية)) بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إن فى السماوات والا رض لايات للمؤمنين * وفى خلقكم وما يبث من دآبة ءايات لقوم يوقنون * واختلاف اليل والنهار ومآ أنزل الله من السمآء من رزق فأحيا به الا رض بعد موتها وتصريف الرياح ءايات لقوم يعقلون * تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق فبأى حديث بعد الله وءاياته يؤمنون * ويل لكل أفاك أثيم * يسمع ءايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم * وإذا علم من ءاياتنا شيئا اتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين * من ورآئهم جهنم ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أوليآء ولهم عذاب عظيم * هاذا هدى والذين كفروا بأايات ربهم لهم عذاب من رجز أليم * الله الذى سخر لكم البحر لتجرى الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخر لكم ما فى السماوات وما فى الا رض جميعا منه إن فى ذلك لايات لقوم يتفكرون * قل للذين ءامنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون * من عمل صالحا فلنفسه ومن أسآء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون * ولقد ءاتينا بنىإسراءيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وءاتيناهم بينات من الا مر فما اختلفوا إلا من بعد ما جآءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون * ثم جعلناك على شريعة من الا مر فاتبعها ولا تتبع أهوآء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أوليآء بعض والله ولى المتقين * هاذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون * أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم سآء ما يحكمون * وخلق الله السماوات والا رض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون * أفرأيت من اتخذ إلاهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون * وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنآ إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون * وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بأابآئنآ إن كنتم صادقين * قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولاكن أكثر الناس لا يعلمون * ولله ملك السماوات والا رض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون * وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هاذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إن كنا نستنسخ ما كنتم تعملون * فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته ذلك هو الفوز المبين * وأما الذين كفروا أفلم تكن ءاياتى تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين * وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندرى ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون * وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقآء يومكم هاذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين * ذلكم بأنكم اتخذتم ءايات الله هزوا وغرتكم الحيواة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون * فلله الحمد رب السماوات ورب الا رض رب العالمين * وله الكبريآء فى السماوات والا رض وهو العزيز الحكيم) *)) 2 * (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إن فى * السماوات والارض * لايات للمؤمنين * وفى خلقكم وما يبث من دابة ءايات لقوم يوقنون * واختلاف اليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الارض بعد موتها وتصريف الرياح ءايات لقوم) *.
هذه السورة مكية، قال ابن عطية: بلا خلاف، وذكر الماوردي: * (إلا قليل * للذين ءامنوا يغفروا) * الآية، فمدنية نزلت في عمر بن الخطاب. قال ابن عباس، وقتادة، وقال النحاس، والمهدوي، عن ابن عباس: نزلت في عمر: شتمه مشرك بمكة قبل الهجرة، فأراد أن يبطش به، فنزلت. ومناسبة أولها لآخر ما قبلها في غاية الوضوح. قال: * (فإنما يسرناه بلسانك) *، وقال: * (حم * تنزيل الكتاب) *، وتقدم الكلام على * (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) *، أول الزمر. وقال أبو عبد الله
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»