والعشاء. وقال ابن زيد وغيره: كان ذلك فرضا ونسخ، فلا فرض إلا الخمس. وقال قوم: هو محكم على وجه الندب. * (إن هؤلآء) *: إشارة إلى الكفرة. * (يحبون العاجلة) *: يؤثرونها على الدنيا. * (ويذرون وراءهم) *: أي أمامهم، وهو ما يستقبلون من الزمان. * (يوما ثقيلا) *: استعير الثقل لليوم لشدته، وهوله من ثقل الجرم الذي يتعب حامله. وتقدم شرح الأسر في سورة القتال. * (وإذا شئنا) *: أي تبديل أمثالهم بإهلاكهم، * (بدلنا أمثالهم) * ممن يطيع. وقال الزمخشري: وحقه أن يجيء بأن لا بإذا، كقوله: * (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم) *، * (إن يشأ يذهبكم) *. انتهى. يعني أنهم قالوا إن إذا للمحقق وإن للممكن، وهو تعالى لم يشأ، لكنه قد توضع إذا موضع إن، وإن موضع إذا، كقوله: * (وما جعلنا لبشر من) *.
* (إن هاذه) *: أي السورة، أو آيات القرآن، أو جملة الشريعة ليس على جهة التخيير، بل على جهة التحذير من اتخاذ غير سبيل الله. وقال الزمخشري: لمن شاء ممن اختار الخير لنفسه والعاقبة، واتخاذ السبيل إلى الله عبارة عن التقرب إليه والتوسل بالطاعة. * (وما تشاءون) *: الطاعة، * (إلا أن يشاء الله) *، يقسرهم عليها. * (إن الله كان عليما) * بأحوالهم وما يكون منهم، * (حكيما) * حيث خلقهم مع علمه بهم. انتهى، وفيه دسيسة الاعتزال. وقرأ العربيان وابن كثير: وما يشاءون بياء الغيبة؛ وباقي السبعة: بتاء الخطاب؛ ومذهب أهل السنة أنه نفي لقدرتهم على الاختراع وإيجاد المعاني في أنفسهم، ولا يرد هذا وجود ما لهم من الاكتساب. وقال الزمخشري: فإن قلت: ما محل * (أن يشاء الله) *؟ قلت: النصب على الظرف، وأصله: إلا وقت مشيئة الله، وكذلك قرأ ابن مسعود: إلا ما يشاء الله، لأن ما مع الفعل كان معه. انتهى. ونصوا على أنه لا يقوم مقام الظرف إلا المصدر المصرح به، كقولك: أجيئك صياح الديك، ولا يجيزون: أجيئك أن يصيح الديك، ولا ما يصيح الديك؛ فعلى هذا لا يجوز ما قاله الزمخشري.
* (يدخل من يشاء فى رحمته) *: وهم المؤمنون. وقرأ الجمهور: * (والظالمين) * نصبا بإضمار فعل يفسره قوله: * (أعد لهم) *، وتقديره: ويعذب الظالمين، وهو من باب الاشتغال، جملة عطف فعلية على جملة فعلية. وقرأ ابن الزبير وأبان بن عثمان وابن أبي عبلة: والظالمون، عطف جملة اسمية على فعلية، وهو جائز حسن. وقرأ عبد الله: وللظالمين بلام الجر، وهو متعلق بأعد لهم توكيدا، ولا يجوز أن يكون من باب الاشتغال، ويقدر فعل يفسره الفعل الذي بعده، فيكون التقدير: وأعد للظالمين أعد لهم، وهذا مذهب الجمهور، وفيه خلاف ضعيف مذكور في النحو، فتقول: بزيد مررت به، ويكون التقدير: مررت بزيد مررت به، ويكون من باب الاشتغال. والمحفوظ المعروف عن العرب نصب الاسم وتفسير مررت المتأخر، وما أشبهه من جهة المعنى فعلا ماضيا.