وصدق: معناه برسالة الله. وقال يوم: هو من الصدقة، وهذا الذي يظهر نفي عنه الزكاة والصلاة وأثبت له التكذيب، كقوله: * (لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين) *. وحمل * (فلا صدق) * على نفي التصديق بالرسالة، فيقتضي أن يكون * (ولاكن كذب) * تكرارا. ولزم أن يكون لكن استدراكا بعد * (ولا صلى) * لا بعده * (فلا صدق) *، لأنه كان يتساوى الحكم في * (فلا صدق) * وفي * (كذب) *، ولا يجوز ذلك، إذ لا يقع لكن بعد متوافقين. * (* وتولي) *: أعرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) وكذب بما جاء به. * (وتولى ثم ذهب إلى أهله) *: أي قومه، * (يتمطى) *: يبختر في مشيته. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) لبب أبا جهل يوما في البطحاء وقال له: (إن الله يقول لك أولى فأولى لك)، فنزل القرآن على نحوها، وقالت الخنساء:
* هممت بنفسي كل الهمو * م فأولى لنفسي أولى لها * وتقدم الكلام على * (أولى) * شرحا وإعرابا في قوله تعالى: * (فأولى لهم * طاعة وقول معروف) * في سورة القتال، وتكراره هنا مبالغة في التهديد والوعيد. ولما ذكر حاله في الموت وما كان من حاله في الدنيا، قرر له أحواله في بدايته ليتأملها، فلا ينكر معها جواز البعث من القبور. وقرأ الجمهور: * (ألم يك) * بياء الغيبة؛ والحسن: بتاء الخطاب على سبيل الالتفات. وقرأ الجمهور: تمنى، أي النطفة يمنيها الرجل؛ وابن محيصن والجحدري وسلام ويعقوب وحفص وأبو عمر: بخلاف عنه بالياء، أي يمنى هو، أي المني، فخلق الله منه بشرا مركبا من أشياء مختلفة. * (فسوى) *: أي سواه شخصا مستقلا. * (فجعل منه الزوجين) *: أي النوعين أو المزدوجين من البشر، وفي قراءة زيد بن علي: الزوجان بالألف، وكأنه على لغة بني الحارث بن كعب ومن وافقهم من العرب من كون المثنى بالألف في جميع أحواله. وقرأ أيضا: يقدر مضارعا، والجمهور: * (بقادر) * اسم فاعل مجرور بالباء الزائدة.
* (أليس ذلك) *: أي الخالق المسوي، * (بقادر) *، وفيه توقيف وتوبيخ لمنكر البعث. وقرأ طلحة بن سليمان والفيض بن غزوان: بسكون الياء من قوله: * (أن يحيى) *، وهي حركة إعراب لا تنحذف إلا في الوقف، وقد جاء في الشعر حذفها. وقرأ الجمهور: بفتحها. وجاء عن بعضهم يحيي بنقل حركة الياء إلى الحاء وإدغام الياء في الياء. قال ابن خالويه: لا يجيز أهل البصرة سيبويه وأصحابه إدغام يحيي، قالوا لسكون الياء الثانية، ولا يعتدون بالفتحة في الياء لأنها حركة إعراب غير لازمة. وأما الفراء فاحتج بهذا البيت:
تمشي بسده بينها فتعيى يريد: فتعيي، والله تعالى أعلم.