السماوات. وقال ابن عباس وأبو العالية والربيع والضحاك: السحاب القاطرة، مأخوذ من العصر، لأن السحاب ينعصر فيخرج منه الماء. وقيل: السحاب التي فيها الماء ولم تمطر. وقال ابن كيسان: سميت بذلك من حيث تغيث، فهي من العصرة، ومنه قوله: * (وفيه يعصرون) *. والعاصر: المغيث، فهو ثلاثي؛ وجاء هنا من أعصر: أي دخلت في حين العصر، فحان لها أن تعصر، وأفعل للدخول في الشيء. وقال ابن عباس أيضا ومجاهد وقتادة: الرياح لأنها تعصر السحاب، جعل الإنزال منها لما كانت سببا فيه. وقرأ ابن الزبير وابن عباس والفضل بن عباس أخوه وعبد الله بن يزيد وعكرمة وقتادة: بالمعصرات، بالياء بدل من. قال ابن عطية: فهذا يقوي أنه أراد الرياح. وقال الزمخشري: فيه وجهان: أن يراد بالرياح التي حان لها أن تعصر السحاب، وأن يراد السحاب، لأنه إذا كان الأنزال منها فهو بها، كما تقول: أعطى من يده درهما، وأعطى بيده درهما. * (ثجاجا) *: منصبا بكثرة، ومنه أفضل الحج العج والثج: أي رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدى. وقرأ الأعرج: ثجاحا بالحاء: آخرا، ومساجح الماء: مصابه، والماء ينثجح في الوادي. * (حبا ونباتا) *: بدأ بالحب لأنه الذي يتقوت به، كالحنطة والشعير، وثنى بالنبات فشمل كل ما ينبت من شجر وحشيش ودخل فيه الحب. * (ألفافا) *: ملتفة، قال الزمخشري: ولا واحد له، كالأوزاع والأخياف. وقيل: الواحد لف: قال صاحب الإقليد: أنشدني الحسن بن علي الطوسي:
* جنة لف وعيش مغدق * وندامى كلهم بيض زهر * ولو قيل: هو جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد لكان قولا وجيها. انتهى. ولا حاجة إلى هذا القول ولا إلى وجاهته، فقد ذكر في المفردات أن مفرده لف بكسر اللام، وأنه قول جمهور أهل اللغة. * (إن يوم الفصل) *: هو يوم القيامة يفصل فيه بين الحق والباطل، * (كان ميقاتا) *: أي في تقدير الله وحكمه تؤقت به الدنيا وتنتهي عنده أو حدا للخلائق ينتهون إليه. * (يوم ينفخ فى الصور) *: بدل من يوم الفصل. قال الزمخشري: أو عطف بيان، وتقدم الكلام في الصور. وقرأ أبو عياض: في الصور بفتح الواو جمع صورة، أي يرد الله الأرواح إلى الأبدان؛ والجمهور: بسكون الواو. و * (فتأتون) * من القبور إلى الموقف أمما، كل أمة بإمامها. وقيل: جماعات مختلفة. وذكر الزمخشري حديثا في كيفيات قبيحة لعشرة أصناف يخلقون عليها، وسبب خلقه من خلق على تلك الكيفية الله أعلم بصحته. وقرأ الكوفيون: * (وفتحت) *: خف؛ والجمهور: بالتشديد، * (فكانت أبوابا) * تنشق حتى يكون فيها فتوح كالأبواب في الجدرات. وقيل: ينقطع قطعا صغارا حتى تكون كالألواح، الأبواب المعهود. وقال الزمخشري: * (فتحت * فكانت أبوابا) *: أي كثرت أبوابها لنزول الملائكة، كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة، كقوله: * (وفجرنا الارض عيونا) *، كأن كلها عيون تنفجر. وقيل: الأبواب: الطرق والمسالك، أي تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقا لا يسدها شيء. * (فكانت سرابا) *: أي تصير شيئا كلا شيء لتفرق أجزائها وانبثاث جواهرها. انتهى. وقال ابن عطية: عبارة عن تلاشيها وفنائها بعد كونها هباء منبثا، ولم يرد أن الجبال تشبه الماء على بعد من الناظر إليها. وقال الواحدي: على حذف مضاف، أي ذات أبواب.
قوله عز وجل: * (إن جهنم كانت مرصادا * للطاغين مئابا * لابثين فيها أحقابا * لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما * حميما وغساقا * جزاء وفاقا * إنهم كانوا لا يرجون حسابا * وكذبوا بئاياتنا كذابا * وكل شىء أحصيناه كتابا * فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا * إن للمتقين مفازا * حدائق وأعنابا * وكواعب أترابا * وكأسا دهاقا * لا يسمعون فيها لغوا ولا كذبا * جزاء من ربك عطاء حسابا * رب السماوات والارض وما بينهما الرحمان لا يملكون منه خطابا * يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا * ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مئابا * إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت