* حياك ود فإنا لا يحل لنا * لهو النساء وأن الدين قد عزما وقال آخر:
* فحياك ود من هداك لعسه وخوص باعلاذي فضالة هجه * قيل: أراد ذلك الصنم. وقرأ الجمهور: * (ولا يغوث ويعوق) * بغير تنوين، فإن كانا عربيين، فمنع الصرف للعلمية ووزن الفعل، وإن كانا عجميين، فللعجمة والعلمية. وقرأ الأشهب: ولا يغوثا ويعوقا بتنوينهما. قال صاحب اللوامح: جعلهما فعولا، فلذلك صرفهما. فأما في العامة فإنهما صفتان من الغوث والعوق بفعل منهما، وهما معرفتان، فلذلك منع الصرف لاجتماع الفعلين اللذين هما تعريف ومشابهة الفعل المستقبل. انتهى، وهذا تخبيط. أما أولا، فلا يمكن أن يكونا فعولا، لأن مادة يغث مفقودة وكذلك يعق؛ وأما ثانيا، فليسا بصفتين من الغوث والعوق، لأن يفعلا لم يجئ اسما ولا صفة، وإنما امتنعا من الصرف لما ذكرناه. وقال ابن عطية: وقرأ الأعمش: ولا يغوثا ويعوقا بالصرف، وذلك وهم لأن التعريف لازم ووزن الفعل. انتهى. وليس ذلك بوهم، ولم ينفرد الأعمش بذلك، بل قد وافقه الأشهب العقيلي على ذلك، وتخريجه على أحد الوجهين، أحدهما: أنه جاء على لغة من يصرف جميع ما لا ينصرف عند عامة العرب، وذلك لغة وقد حكاها الكسائي وغيره؛ والثاني: أنه صرف لمناسبة ما قبله وما بعده من المنون، إذ قبله * (ودا ولا سواعا) *، وبعده * (ونسرا) *، كما قالوا في صرف * (* سلاسلا) *، و * (قواريرا قواريرا) *، لمن صرف ذلك للمناسبة. وقال الزمخشري: وهذه قراءة مشكلة، لأنهما إن كانا عربيين أو أعجميين ففيهما منع الصرف، ولعله قصد الازدواج فصرفهما لمصادفته أخواتهما منصرفات * (ودا * ويعوق ونسرا) *، كما قرىء: * (وضحاها) * بالإمالة لوقوعه مع الممالات للازدواج. انتهى. وكان الزمخشري لو يدر أن ثم لغة لبعض العرب تصرف كل ما لا ينصرف عند عامتهم، فلذلك استشكلها.
* (وقد أضلوا) *: أي الرؤساء المتبوعون، * (كثيرا) *: من أتباعهم وعامتهم، وهذا إخبار من نوح عليه السلام عنهم بما جرى على أيديهم من الضلال. وقال الحسن: * (وقد أضلوا) *: أي الأصنام، عاد الضمير عليها كما يعود على العقلاء، كقوله تعالى: * (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) * ويحسنه عوده على أقرب مذكور، ولكن عوده على الرؤساء أظهر، إذ هم المحدث عنهم والمعنى فيهم أمكن. ولما أخبر أنهم قد ضلوا كثيرا، دعا عليهم بالضلال، فقال: * (ولا تزد) *: وهي معطوفة على * (وقد أضلوا) *، إذ تقديره: وقال وقد أضلوا كثيرا، فهي معمولة لقال المضمرة المحكي بها قوله: * (وقد أضلوا) *، ولا يشترط التناسب في عطف الجمل، بل قد يعطف، جملة الإنشاء على جملة الخبر والعكس، خلافا لمن يدعي التناسب. وقال الزمخشري ما ملخصه: عطف * (ولا تزد) * على * (رب إنهم عصونى) *، أي قال هذين القولين. * (إلا ضلالا) *، قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاز أن يريد لهم الضلال ويدعو الله بزيادته؟ قلت: المراد بالضلال أن يخذلوا ويمنعوا الألطاف لتصميمهم على الكفر ووقوع اليأس من إيمانهم، وذلك حسن جميل يجوز الدعاء به، بل لا يحسن الدعاء بخلافه. انتهى، وذلك على مذهب الاعتزال. قال: ويجوز أن يراد بالضلال الضياع والهلاك، كما قال: * (ولا تزد الظالمين إلا تبارا) *. وقال ابن بحر: * (إلا ضلالا) *: إلا عذابا، قال كقوله: * (إن المجرمين فى ضلال وسعر) *. وقيل: إلا خسرانا. وقيل: إلا ضلالا في أمر دنياهم وترويج مكرهم وحيلهم.
وقرأ الجمهور: * (مما خطيئاتهم) * جمعا بالألف والتاء مهموزا؛ وأبو رجاء كذلك، إلا أنه أبدل الهمزة ياء وأدغم فيها ياء المد؛ والجحدري وعبيد، عن أبي عمرو : على الإفراد مهموزا؛ والحسن وعيسى والأعرج: بخلاف عنهم؛