تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٣٠١
* إذا جياد الخيل جاءت تردي * مملوءة من غضب وحرد * وقال الأشهب بن رميلة:
* أسود شرى لاقت أسود خفية * تساقوا على حرد دماء الأساود * وقال ابن السكيت: وقد يحرك، تقول: حرد بالكسر حردا فهو حردان، ومنه قيل: أسد حارد، وليوث حوارد، والحرد: الانفراد، حرد يحرد حرودا: تنحى عن قومه ونزل منفردا ولم يخالطهم، وكوكب حرود: معتزل عن الكواكب. وقال الأصمعي: المنحرد: المنفرد في لغة هذيل. انتهى. والحرد: القصد، حرد يحرد بالكسر: قصد، ومنه حردت حردك: أي قصدت قصدك. ومنه قول الشاعر:
* وجاء سيل كان من أمر الله * يحرد حرد الجنة المغله * * (ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لاجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير * وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم * ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه فى الاخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون * أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلاهك وإلاه آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلاها واحدا ونحن له مسلمون * تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون) *.
هذه السورة مكية. قال ابن عطية: ولا خلاف فيها بين أحد من أهل التأويل. انتهى. ومعظمها نزل في الوليد بن المغيرة وأبي جهل. ومناسبتها لما قبلها: أنه فيما قبلها ذكر أشياء من أحوال السعداء والأشقياء، وذكر قدرته الباهرة وعلمه الواسع، وأنه تعالى لو شاء لخسف بهم أو لأرسل عليهم حاصبا. وكان ما أخبر تعالى به هو ما تلقفه رسول الله صلى الله عليه وسلم) بالوحي، وكان الكفار ينسبونه مرة إلى الشعر، ومرة إلى السحر، ومرة إلى الجنون؛ فبدأ سبحانه وتعالى هذه السورة ببراءته مما كانوا ينسبونه إليه من الجنون، وتعظيم أجره على صبره على أذاهم، وبالثناء على خلقه العظيم.
* (ن) *: حرف من حروف المعجم، نحو ص وق، وهو غير معرب كبعض الحروف التي جاءت مع غيرها مهملة من العوامل والحكم على موضعها بالإعراب تخرص. وما يروى عن ابن عباس ومجاهد: أنه اسم الحوت الأعظم الذي عليه الأرضون السبع. وعن ابن عباس أيضا والحسن وقتادة والضحاك: أنه اسم الدواة. وعن معاوية بن قرة: يرفعه أنه لوح من نور. وعن ابن عباس أيضا: أنه آخر حرف من حروف الرحمن. وعن جعفر الصادق: أنه نهر من أنهار الجنة، لعله لا يصح شيء من ذلك. وقال أبو نصر عبد الرحيم القشيري في تفسيره: ن حرف من حروف المعجم، فلو كان كلمة تامة أعرب كما أعرب القلم، فهو
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»