حاصبا فستعلمون كيف نذير * ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير * أو لم * يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن * ما يمسكهن إلا الرحمان إنه بكل شىء بصير * أمن هاذا الذى هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إلا فى غرور * أمن هاذا الذى يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا فى عتو ونفور * أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أمن يمشى سويا على صراط مستقيم * قل هو الذى أنشأكم وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون * قل هو الذى ذرأكم فى الارض وإليه تحشرون * ويقولون متى هاذا الوعد إن كنتم صادقين * قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين * فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هاذا الذى كنتم به تدعون * قل أرءيتم إن أهلكنى الله ومن معى أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم * قل هو الرحمان ءامنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو فى ضلال مبين * قل أرءيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) *.
قرأ نافع وأبو عمرو والبزي: * (أءمنتم) * بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية، وأدخل أبو عمرو وقالون بينهما ألفا، وقنبل: بإبدال الأولى واوا لضمة ما قبلها، وعنه وعن ورش أوجه غير هذه؛ والكوفيون وابن عامر بتحقيقهما. * (من فى السماء) *: هذا مجاز، وقد قام البرهان العقلي على أن تعالى ليس بمتحيز في جهة، ومجازه أن ملكوته في السماء لأن في السماء هو صلة من، ففيه الضمير الذي كان في العامل فيه، وهو استقر، أي من في السماء هو، أي ملكوته، فهو على حذف مضاف، وملكوته في كل شيء. لكن خص السماء بالذكر لأنها مسكن ملائكته وثم عرشه وكرسيه واللوح المحفوظ، ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأمره ونهيه، أو جاء هذا على طريق اعتقادهم، إذ كانوا مشبهة، فيكون المعنى: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء؟ وهو المتعالي عن المكان. وقيل: من على حذف مضاف، أي خالق من في السماء. وقيل: من هم الملائكة. وقيل: جبريل، وهو الملك الموكل بالخسف وغيره. وقيل: من بمعنى على، ويراد بالعلو القهر والقدرة لا بالمكان، وفي التحرير: الاجماع منعقد على أنه ليس في السماء بمعنى الاستقرار، لأن من قال من المشبهة والمجسمة أنه على العرش لا يقول بأنه في السماء. * (أن يخسف بكم الارض) * وهو ذهابها سفلا، * (فإذا هى تمور) *: أي تذهب أو تتموج، كما يذهب التراب في الريح. وقد تقدم شرح الحاصب في سورة الإسراء، والنذير والنكير مصدران بمعنى الإنذار والإنكار، وقال حسان بن ثابت:
* فأنذر مثلها نصحا قريشا * من الرحمن إن قبلت نذيرا * وأثبت ورش ياء نذيري ونكيري، وحذفها باقي السبعة. ولما حذرهم ما يمكن إحلاله بهم من الخسف وإرسال الحاصب، نبههم على الاعتبار بالطير وما أحكم من خلقها، وعن عجز آلهتهم عن شيء من ذلك، وناسب ذلك الاعتبار بالطير، إذ قد تقدمه ذكر الحاصب، وقد أهلك الله