تفسير نظيرها في سورة التوبة. وقال الزمخشري: أصله: * (يريدون أن) *، كما جاء في سورة براءة، وكأن هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة تأكيدا له لما فيها من معنى الإرادة في قولك: جئتك لأكرمك، كما زيدت اللام في: لا أبا لك، تأكيدا لمعنى الإضافة في: لا أبا لك. انتهى. وقال نحوه ابن عطية، قال: واللام في قوله: * (* ليطفؤا) * لام مؤكدة، دخلت على المفعول لأن التقدير: يريدون أن يطفؤا، وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم، تقول: لزيد ضربت، ولرؤيتك قصرت. انتهى. وما ذكره ابن عطية من أن هذه اللام أكثر ما تلزم المفعول إذا تقدم ليس بأكثر، بل الأكثر: زيدا ضربت، من: لزيد ضربت. وأما قولهما إن اللام للتأكيد، وإن التقدير أن يطفؤا، فالإطفاء مفعول * (إن يريدون) *، فليس بمذهب سيبويه والجمهور. وقال ابن عباس وابن زيد: هنا يريدون إبطال القرآن وتكذيبه بالقول. وقال السدي: يريدون دفع الإسلام بالكلام. وقال الضحاك: هلاك الرسول صلى الله عليه وسلم) بالأراجيف. وقال ابن بحر: إبطال حجج الله بتكذيبهم.
وعن ابن عباس: سبب نزولها أن الوحي أبطأ أربعين يوما، فقال كعب بن الأشرف: يا معشر يهود أبشروا، اطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه وما كان ليتم نوره، فحزن الرسول صلى الله عليه وسلم)، فنزلت واتصل الوحي. وقرأ العربيان ونافع وأبو بكر والحسن وطلحة والأعرج وابن محيصن: * (متم) * بالتنوين، * (نوره) * بالنصب؛ وباقي السبعة والأعمش: بالإضافة. وقرأ الجمهور: * (تنجيكم) * مخففا؛ والحسن وابن أبي إسحاق والأعرج وابن عامر: مشددا. والجمهور: * (تؤمنون) *، * (وتجاهدون) *؛ وعبد الله: آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا أمرين؛ وزيد بن علي بالتاء، فيهما محذوف النون فيهما. فأما توجيه قراءة الجمهور، فقال المبرد: هو بمعنى آمنوا على الأمر، ولذلك جاء يغفر مجزوما. انتهى، فصورته صورة الخبر، ومعناه الأمر، ويدل عليه قراءة عبد الله، ونظيره قوله: اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه، أي ليتق الله، وجئ به على صورة الخبر. قال الزمخشري: للإيذان بوجوب الامتثال وكأنه امتثل، فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين، ونظيره قول الداعي: غفر الله لك ويغفر الله لك، جعلت المغفرة لقوة الرجاء، كأنها كانت ووجدت. انتهى. وقال الأخفش: هو عطف بيان على تجارة، وهذا لا يتخيل إلا على تقدير أن يكون الأصل أن تؤمنوا حتى يتقدر بمصدر، ثم حذف أن فارتفع الفعل كقوله:
ألا أيهذا الزاجري احضر الوغا يريد: أن احضر، فلما حذف أن ارتفع الفعل، فكان تقدير الآية * (هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم) *: إيمان بالله ورسوله وجهاد. وقال ابن عطية: * (تؤمنون) * فعل مرفوع تقديره ذلك أنه تؤمنون. انتهى، وهذا ليس بشيء، لأن فيه حذف المبتدأ وحذف أنه وإبقاء الخبر، وذلك لا يجوز. وقال الزمخشري: وتؤمنون استئناف، كأنهم قالوا: كيف نعمل؟ فقال: تؤمنون، ثم اتبع المبرد فقال: هو خبر في معنى الأمر، وبهذا أجيب بقوله: * (يغفر لكم) *. انتهى. وأما قراءة عبد الله فظاهرة المعنى وجواب الأمر يغفر، وأما قراءة زيد فتتوجه على حذف لام الأمر، التقدير: لتؤمنوا، كقول الشاعر:
* قلت لبواب على بابها * تأذن لي أني من أحمائها * يريد: لتأذن، ويغفر مجزوم على جواب الأمر في قراءة عبد الله وقراءة زيد، وعلي تقدير المبرد. وقال الفراء: هو مجزوم