تؤخرني أصدق وأكن، هذا مذهب أبي علي الفارسي. فأما ما حكاه سيبويه عن الخليل فهو غير هذا، وهو أنه جزم وأكن على توهم الشرط الذي يدل عليه بالتمني، ولا موضع هنا، لأن الشرط ليس بظاهر، وإنما يعطف على الموضع، حيث يظهر الشرط كقوله تعالى: * (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) *. فمن قرأ بالجزم عطف على موضع * (فلا هادي له) *، لأنه لو وقع هنالك فعل كان مجزوما. انتهى. والفرق بين العطف على الموضع والعطف على التوهم: أن العامل في العطف على الموضع موجود دون مؤثره، والعامل في العطف على التوهم مفقود وأثره موجود. وقرأ الحسن وابن جبير وأبو رجاء وابن أبي إسحاق ومالك بن دينار والأعمش وابن محيصن وعبد الله بن الحسن العنبري وأبو عمرو: وأكون بالنصب، عطفا على * (فأصدق) *، وكذا في مصحف عبد الله وأبي. وقرأ عبيد بن عمير: وأكون بضم النون على الاستئناف، أي وأنا أكون، وهو وعد الصلاح. * (ولن يؤخر الله نفسا) *: فيه تحريض على المبادرة بأعمال الطاعات حذارا أن يجيء الأجل، وقد فرط ولم يستعد للقاء الله. وقرأ الجمهور: * (تعملون) * بتاء الخطاب، للناس كلهم؛ وأبو بكر: بالياء، خص الكفار بالوعيد، ويحتمل العموم.
(٢٧١)