وهارون وغيرهما من الأنبياء، لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون، أو يكون جمع نذير المصدر بمعنى الإنذار. * (كذبوا بئاياتنا) * هي التسع، والتوكيد هنا كهو في قوله: * (ولقد أريناه ءاياتنا كلها) *. والظاهر أن الضمير في: * (كذبوا) *، وفي: * (فأخذناهم) * عائد على آل فرعون. وقيل: هو عائد على جميع من تقدم من الأمم ذكره، وتم الكلام عند قوله: * (النذر) *. * (فأخذناهم أخذ عزيز) *: لا يغالب، * (مقتدر) *: لا يعجز شيء. * (أكفاركم) *: خطاب لأهل مكة، * (خير من أولئكم) *: الإشارة إلى قوم نوح وهود وصالح ولوط، وإلى فرعون، والمعنى: أهم خير في القوة وآلات الحروب والمكانة في الدنيا، أو أقل كفؤا وعنادا؟ فلأجل كونهم خيرا لا يعاقبون على الكفر بالله، وقفهم على توبيخهم، أي ليس كفاركم خيرا من أولئكم، بل هم مثلهم أو شر منهم، وقد علمتم ما لحق أولئك من الهلاك المستأصل لما كذبوا الرسل. * (أم لكم براءة فى الزبر) *: أي ألكم في الكتب الإلهية براءة من عذاب الله تعالى؟ قاله الضحاك وعكرمة وابن زيد.
* (أم يقولون نحن جميع) * أي واثقون بجماعتنا، منتصرون بقوتنا، تقولون ذلك على سبيل الإعجاب بأنفسكم. وقرأ الجمهور: أم يقولون، بياء الغيبة التفاتا، وكذا ما بعده للغائب. وقرأ أبو حيوة وموسى الأسواري وأبو البرهشيم: بتاء الخطاب للكفار، اتباعا لما تقدم من خطابهم. وقرأوا: ستهزم الجمع، بفتح التاء وكسر الزاي وفتح العين، خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم)؛ وأبو حيوة أيضا ويعقوب: بالنون مفتوحة وكسر الزاي وفتح العين؛ والجمهور: بالياء مبنيا للمفعول، وضم العين. وعن أبي حيوة وابن أبي عبلة أيضا: بفتح الياء مبنيا للفاعل ونصب العين: أي سيهزم الله الجمع. والجمهور: * (ويولون) * بياء الغيبة؛ وأبو حيوة وداود بن أبي سالم، عن أبي عمرو: بتاء الخطاب. والدبر هنا: اسم جنس، وجاء في موضع آخر * (ليولن الادبار) *، وهو الأصل، وحسن اسم الجنس هنا كونه فاصلة. وقال الزمخشري: * (ويولون الدبر) *: أي الأدبار، كما قال: كلوا في بعض بطنكم تعفوا. وقرئ: الأدبار. انتهى، وليس مثل بطنكم، لأن مجيء الدبر مفردا ليس بحسن، ولا يحسن لإفراد بطنكم. وفي قوله تعالى: * (سيهزم الجمع) * عدة من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم) بهزيمة جمع قريش؛ والجمهور: على أنها مكية، وتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم) مستشهدا بها. وقيل: نزلت يوم بدر.
* (بل الساعة موعدهم) *: انتقل من تلك الأقوال إلى أمر الساعة التي عذابها أشد عليهم من كل هزيمة وقتال. * (والساعة أدهى) *: أي أفظع وأشد، والداهية الأمر: المنكر الذي لا يهتدى لدفعه، وهي الرزية العظمى تحل بالشخص. * (وأمر) * من المرارة: استعارة لصعوبة الشيء على النفس. * (إن المجرمين فى ضلال) *: أي في حيرة وتخبط في الدنيا. * (وسعر) *: أي احتراق في الآخرة، جعلوا فيه من حيث مصيرهم إليه. وقال ابن عباس: وخسران وجنون، والسعر: الجنون، وتقدم مثله في قصة صالح عليه السلام. * (يوم يسحبون) *: يجرون * (فى النار) *، وفي قراءة عبد الله: إلى النار. * (على وجوههم ذوقوا) *: أي مقولا لهم: * (ذوقوا مس سقر) *. وقرأ محبوب عن أبي عمرو: مسقر، بإدغام السين في السين. قال ابن مجاهد: إدغامه خطأ لأنه مشدد. انتهى. والظن بأبي عمرو أنه لم يدغم حتى حذف إحدى السينين لاجتماع الأمثال، ثم أدغم.
* (إنا كل شىء خلقناه بقدر) *، قراءة الجمهور: كل شيء بالنصب. وقرأ أبو السمال، قال ابن عطية وقوم من أهل السنة: بالرفع. قال أبو الفتح: هو الوجه في العربية، وقراءتنا بالنصب مع الجماعة. وقال قوم: إذا كان الفعل يتوهم فيه الوصف، وأن ما بعده يصلح للخبر، وكان المعنى على أن يكون الفعل هو الخبر، اختير النصب في الاسم الأول حتى يتضح أن الفعل ليس بوصف، ومنه هذا الموضع، لأن في قراءة الرفع يتخيل أن الفعل وصف، وأن الخبر يقدر. فقد