تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ١٧٣
ومنصوبا على إضمار انتظر، ومنصوبا بقوله: * (فتول) *، وهذا ضعيف جدا، ومنصوبا بمستقر، وهو بعيد أيضا. وحذفت الواو من يدع في الرسم اتباعا للنطق، والياء من الداع تخفيفا أجريت أل مجرى ما عاقبها، وهو التنوين. فكما تحذف معه حذفت معها، والداع هو إسرافيل، أو جبرائيل، أو ملك غيرهما موكل بذلك، أقوال. وقرأ الجمهور: * (نكر) * بضم الكاف، وهو صفة على فعل، وهو قليل في الصفات، ومنه رجل شلل: أي خفيف في الحاجة، وناقة أجد، ومشية سجح ، وروضة أنف. وقرأ الحسن وابن كثير: وشبل بإسكان الكاف، كما قالوا: شغل وشغل، وعسر وعسر. وقرأ مجاهد وأبو قلابة والجحدري وزيد بن علي: نكر فعلا ماضيا مبنيا للمفعول، أي جهل فنكر. وقال الخليل: النكر نعت للأمر الشديد، والوجل الداهية، أي تنكره النفوس لأنها لم تعهد مثله، وهو يوم القيامة. قال مالك بن عوف النضري:
* أقدم محاج أنه يوم نكر * مثلي على مثلك يحمي ويكر * وقرأ قتادة وأبو جعفر وشيبة والأعرج والجمهور: خشعا جمع تكسير؛ وابن عباس وابن جبير ومجاهد والجحدري وأبو عمرو وحمزة والكسائي: خاشعا بالإفراد. وقرأ أبي وابن مسعود: خاشعة، وجمع التكسير أكثر في كلام العرب. وقال الفراء وأبو عبيدة: كله جائز. انتهى، ومثال جمع التكسير قول الشاعر:
* بمطرد لذن صحاح كعربه * وذي رونق عضب يقد الوانسا * ومثال الإفراد قوله:
* ورجال حسن أو جههم * من أياد بن نزار بن معد وقال آخر:
* ترمي الفجاج به الركبان معترضا أعناق بزلها مرخى لها الجدل * وانتصب خشعا وخاشعا وخاشعة على الحال من ضمير يخرجون، والعامل فيه يخرجون، لأنه فعل متصرف، وفي هذا دليل على بطلان مذهب الجرمي، لأنه لا يجوز تقدم الحال على الفعل وإن كان متصرفا. وقد قالت العرب: شتى تؤب الحلبة، فشتى حال، وقد تقدمت على عاملها وهو تؤب، لأنه فعل متصرف، وقال الشاعر:
* سريعا يهون الصعب عند أولي النهي * إذا برجاء صادق قابلوه البأسا * فسريعا حال، وقد تقدمت على عاملها، وهو يهون. وقيل: هو حال من الضمير المجرور في عنهم من قوله: * (فتول عنهم) * وقيل: هو مفعول بيدع، أي قوما خشعا، أو فريقا خشعا، وفيه بعد. ومن أفرد خاشعا وذكر،
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»