تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ٣٧١
قاله الزمخشري، وأخذه من كلام غيره. وقال ابن عباس، وقتادة، وعطاء: كانت له أوتاد وخشب يلعب بها وعليها. وقال السدي: كان يقتل الناس بالأوتاد، ويسمرهم في الأرض بها. وقال الضحاك: أراد المباني العظيمة الثابتة. وقيل: عبارة عن كثرة أخبيته وعظم عساكره. وقيل: كان يشج المعذب بين أربع سواري، كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروبة فيها وتد من حديث، ويتركه حتى يموت. روي معناه عن الحسن ومجاهد، وقيل: كان يمده بين أربعة أوتاد في الأرض، ويرسل عليه العقارب والحيات. وقيل: يشدهم بأربعة أوتاد، ثم يرفع صخرة فتلقى عليه فتشدخه. وقال ابن مسعود، وابن عباس، في رواية عطية: الأوتاد: الجنود، يشدون ملكه، كما يقوي الوتد الشيء. وقيل: بنى منارا يذبح عليها الناس، قاله ابن جبير. * (أولئك الاحزاب) *: أي الذين تحزبوا على أنبيائهم، كما تحزب قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم). والظاهر أن الإشارة بأولئك إلى أقرب مذكور، وهم قوم نوح ومن عطف عليهم؛ وفيه تفخيم لشأنهم وإعلاء لهم على من تحزب على رسول الله، أي هؤلاء العظماء لما كذبوا عوقبوا، وكذلك أنتم.
* * (إن كل إلا كذب الر سل فحق عقاب) *: فوجب عقابهم. كذبت قوم نوح، آذوا نوحا فأغرقوا؛ وقوم هود فأهلكوا بالريح؛ وفرعون فأغرق؛ وثمود بالصيحة؛ وقوم لوط بالخسف؛ والأيكة بعذاب الظلة. ومعنى * (إن كل) *: ما كان من قوم نوح فمن بعدهم، * (فحق عقاب) *: أي وجب عقابهم، فكذلك يحق عليكم أيها المكذبون بالرسول. قال الزمخشري: * (أولئك الاحزاب) *، قصد بهذه الإشارة الإعلام بأن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم هم هم، وأنهم الذين وجد منهم التكذيب، ولقد ذكرت تكذيبهم أولا في الجملة الخبرية على وجه الإبهام، ثم جاء بالجملة الاستثنائية، فأوضحه فيها بأن كل واحد من الأحزاب كذب الرسل، لأنهم إذا كذبوا واحدا منهم، فقد كذبوا جميعا، وفي تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه، والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولا، وبالاستثناء ثانيا، وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العذاب وأبلغه. ثم قال: * (فحق عقاب) *: أي فوجب لذلك أن أعاقبهم حق عقابهم. انتهى.
(* (وما ينظر هاؤلآء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق * وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب * اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الا يد إنه أواب * إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق * والطير محشورة كل له أواب * وشددنا ملكه وءاتيناه الحكمة وفصل الخطاب * وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنآ إلى سوآء الصراط * إن هذآ أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى فى الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطآء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب * فغفرنا له ذالك وإن له عندنا لزلفى وحسن مأاب * ياداوود إنا جعلناك خليفة فى الا رض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب * وما خلقنا السمآء والا رض وما بينهما باطلا ذالك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار * أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الا رض أم نجعل المتقين كالفجار * كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولو الا لباب * ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب * إذ عرض عليه بالعشى الصافنات الجياد * فقال إنىأحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب * ردوها على فطفق مسحا بالسوق والا عناق * ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب * قال رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لاحد من بعدىإنك أنت الوهاب * فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخآء حيث أصاب * والشياطين كل بنآء وغواص * وءاخرين مقرنين فى الا صفاد * هاذا عطآؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب * وإن له عندنا لزلفى وحسن مأاب) *)) ) *
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»