تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ٣٦٧
وهو ابن أبي إسحاق في رواية. وقرأ الحسن أيضا: صاد، بضم الدال، فإن كان اسما للسورة، فخبر مبتدأ محذوف، أي هذه ص، وهي قراءة ابن السميفع وهرونه الأعور؛ وقرأ قاف ونون، بضم الفاء والنون. وقيل: هو حرف دال على معنى من فعل أو من اسم، فقال الضحاك: معناه صدق الله. وقال محمد بن كعب: مفتاح أسماء الله محمد صادق الوعد صانع المصنوعات. وقيل: معناه صدق محمد.
قال ابن عباس، وابن جبير، والسدي: ذي الذكر: ذي الشرف الباقي المخلد. وقال قتادة: ذي التذكرة، للناس والهداية لهم. وقيل: ذي الذكر، للأمم والقصص والغيوب والشرائع وجواب القسم، قيل: مذكور، فقال الكوفيون والزجاج: هو قوله: * (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) *. وقال الفراء: لا نجده مستقيما في العربية لتأخره جدا عن قوله: * (والقرءان) *. وقال الأخفش: هو * (إن كل إلا كذب الر سل) *، وقال قوم: * (كم أهلكنا) *، وحذف اللام أي لكم، لما طال الكلام؛ كما حذفت في * (والشمس) *، ثم قال: * (قد أفلح) *، حكاه الفراء وثعلب، وهذه الأقوال يجب اطراحها. وقيل: هو صاد، إذ معناه: صدق محمد وصدق الله. وكون صاد جواب القسم، قاله الفراء وثعلب، وهذا مبني على تقدم جواب القسم، واعتقاد أن الصاد يدل على ما ذكروه. وقيل: الجواب محذوف، فقدره الحوفي: لقد جاءكم الحق ونحوه، والزمخشري: إنه لمعجز، وابن عطية: ما الأمر كما تزعمون، ونحو هذا من التقدير. ونقل أن قتادة والطبري قالا: هو محذوف قبل * (بل) *، قال: وهو الصحيح، وقدره ما ذكرنا عنه، وينبغي أن يقدر ما أثبت هنا جوابا للقرآن حين أقسم به، وذلك في قوله تعالى: * (يس * والقرءان الحكيم * إنك لمن المرسلين) *، ويقوي هذا التقدير ذكر النذارة هنا في قوله: * (وعجبوا أن جاءهم م نذر منهم) *، وقال هناك: * (لتنذر قوما) *، فالرسلة تتضمن النذارة والبشارة، وبل للانتقال من هذا القسم والمقسم عليه إلى حالة تعزز الكفار ومشاقهم في قبول رسالتك وامتثال ما جئت به، واعتراف بالحق.
وقرأ حماد بن الزبرقان، وسورة عن الكسائي، وميمون عن أبي جعفر، والجحدري من طريق العقيلي: في غرة، بالغين المعجمة والراء، أي في غفلة ومشاقة. * (قبلهم) *: أي قبل هؤلاء ذوي المنعة الشديدة والشقاق، وهذا وعيد لهم. * (فنادوا) *: أي استغاثوا ونادوا بالتوبة، قاله الحسن؛ أو رفعوا أصواتهم، يقال: فلان أندى صوتا: أي أرفع، وذلك بعد معاينة العذاب، فلم يك وقت نفع. وقرأ الجمهور: * (ولات حين) *، بفتح التاء ونصب النون، فعلى قول سيبويه، عملت عمل ليس، واسمها محذوف تقديره: ولات الحين حين فوات ولا فرار. وعلى قول الأخفش: يكون حين اسم لات، عملت عمل إن نصبت الاسم ورفعت الخبر، والخبر مخذوف تقديره: ولات أرى حين مناص. وقرأ أبو السمال: ولات حين، بضم التاء ورفع النون؛ فعلى قول سيبويه: حين مناص اسم لات، والخبر محذوف؛ وعلى قول الأخفش: مبتدأ، والخبر محذوف. وقرأ عيسى بن عمر: ولات حين، بكسر التاء وجر النون، خبر بعد لات، وتخريجه مشكل، وقد تمحل الزمخشري في تخريج الخبر في قوله:
* طلبوا صلحنا ولات حين أوان * فأجبنا أن لات حين بقاء * قال: شبه أوان بإذ في قوله:
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»