و * (الصراط المستقيم) *: هو الإسلام وشرع الله. و * (إلياس) *، قال ابن مسعود وقتادة: هو إدريس عليه السلام. ونقلوا عن ابن مسعود، وابن وثاب، والأعمش، والمنهال بن عمر، والحكم بن عتيبة الكوفي أنهم قرأوا: وإن إدريس لمن المرسلين، وهو محمولة عندي على تفسيره، لأن المستفيض عن ابن مسعود أنه قرأ: * (وإن إلياس) *، وأيضا تفسيره إلياس بأنه إدريس لعله لا يصح عنه، لأن إدريس في التاريخ المنقول كان قبل نوح. وفي سورة الأنعام ذكر إلياس، وأنه ذرية إبراهيم، أو من ذرية نوح على ما يحتمله قوله تعالى: * (ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا) *، * (ومن ذريته * داوود) *، وذكر في جملة هذه الذرية إلياس، وقيل: إلياس من أولاد هارون. قال الطبري: هو إلياس بن ياسين ابن فنحاص بن العيزار بن هارون. وقرأ الجمهور: * (وإن إلياس) *، بهمزة قطع مكسورة. وقرأ عكرمة، والحسن: بخلاف عنهما؛ والأعرج، وأبو رجاء، وابن عامر، وابن محيصن: بوصل الألف، فاحتمل أن يكون وصل همزة القطع، واحتمل أن يكون اسمه ياسا، ودخلت عليه أل، كما دخلت على أليسع. وفي حرف أبي ومصحفه: وإن إيليس، بهمزة مكسورة، بعدها ياء ساكنة، بعدها لام مكسورة، بعدها ياء ساكنة وسين مفتوحة. وقرئ: وإن أدراس، لغة في إدريس، كأبراهام في إبراهيم.
* (أتدعون بعلا) *: أي أتعبدون بعلا، وهو علم لصنم لهم، قاله الضحاك والحسن وابن زيد. قيل: وكان من ذهب، طوله عشرون ذراعا، وله أربعة أوجه، فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياء، وكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة، والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس، وهم أهل بعلبك من بلاد الشام، وبه سميت مدينتهم بعلبك. وقال عكرمة، وقتادة: البعل: الرب بلغة اليمن. وسمع ابن عباس رجلا ينشد ضالة، فقال له رجل: أنا بعلها، فقال ابن عباس: الله أكبر، أتدعون بعلا؟ ويقال: من بعل هذه الدار، أي ربها؟ والمعنى على هذا: أتعبدون بعض البعول وتتركون عبادة الله؟ وقالت فرقة: إن بعلا اسم امرأة أتتهم بضلالة فاتبعوها. وقرئ: أتدعون بعلاء، بالمد على وزن حمراء، ويؤنس هذه القراءة قول من قال: إنه اسم امرأة.
وقرأ الكوفيون، وزيد بن علي: * (الله ربكم ورب ءابائكم) *، بالنصب في الثلاثة بدلا من * (أحسن) *، أو عطف بيان إن قلنا إن إضافة التفضيل محضة؛ وباقي السبعة بالرفع، أي هو الله؛ أو يكون استئنافا مبتدأ وربكم خبره. وروي عن حمزة أنه إذا وصل نصب، وإذا قطع رفع. * (فكذبوه) *: أي كذبه قومه، إما في قوله: * (الله ربكم) * هذه النسب، أو فكذبوه فيما جاء به من عند الله من الأمر بالتوحيد وترك الصنم والايمان بما جاءت به الرسل. ومحضرون: مجموعون للعذاب. * (إلا عباد الله المخلصين) *: استثناء يدل على أن من قومه مخلصين لم يكذبوه، فهو استثناء متصل من ضمير * (فكذبوه) *، ولا يجوز أن يكون استثناء من * (فإنهم لمحضرون) *، لأنهم كانوا يكونون مندرجين فيمن كذب، ويكونون * (عباد الله المخلصين) *، وذلك لا يمكن ولا يناسب أن يكون استثناء منقطعا، إذ يصير المعنى: لكن عباد الله المخلصين من غير قومه لا يحضرون للعذاب، ولا مسيس لهؤلاء الممسوسين بالآية التي فيها قصة إلياس هذه.
وقرأ زيد بن علي، ونافع، وابن عامر: على آل ياسين. وزعموا أن آل مفصولة في المصحف، وياسين اسم لإلياس. وقيل: اسم لأبي إلياس، لأنه إلياس بن ياسين، وآل ياسين هو ابنه إلياس. وقيل: ياسين هو اسم محمد صلى الله عليه وسلم). وقرأ باقي السبعة: * (على) *، بهمزة مكسورة، أي الياسين، جمع المنسوبين إلى الياس معه، فسلم عليهم. وهذا يدل على أن من قومه من كان اتبعه على الدين، وكل واحد ممن نسب إليه كأنه إلياس، فلما جمعت، خففت ياء النسبة بحذف إحداهما كراهة التضعيف، فالتفى ساكنان: الياء فيه وحرف العلة الذي للجمع، فحذفت لالتقائهما، كما قالوا: الأشعرون والأعجمون والخبيبون والمهلبون. وحكى أبو عمرو أن مناديا نادى يوم الكلاب: ههلك اليزيديون. وقال الزمخشري: لو كانا جمعا، لعرف بالألف واللام. وقرأ أبو رجاء، والحسن: على الياسين، بوصل الألف على أنه جمع يراد به إلياس وقومه المؤمنون، وحذفت ياء النسب، كما قالوا: الأشعرون، والألف