الطريقة تكون من الأرض والجبل، كالقطعة العظيمة المتصلة طولا. وقال الزمخشري: والجدد: الخطط والطرائق. وقال لبيد: أو مذهب جدد على الواحد، ويقال: جدة الحمار للخطة السوداء التي على ظهره، وقد يكون للظبي جدتان مسكيتان تفصلان بين لوني ظهره وبطنه. انتهى. وقال الشاعر:
* كأن مبرات وجدة ظهره * كنائن يجري بينهن دليص * الجدة: الخط الذي في وسط ظهره، يصف حمار وحش. الغربيب: الشديد السواد. لغب يلغب لغوبا: أعيا.
* (الحمد لله فاطر * السماوات والارض * جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد فى الخلق ما يشاء إن الله على كل شىء قدير) *.
هذه السورة مكية. ولما ذكر تعالى في آخر السورة التي قبلها هلاك المشركين أعداء المؤمنين، وأنزلهم منازل العذاب، تعين على المؤمنين حمده تعالى وشكره لنعمائه ووصفه بعظيم آلائه، كما في قوله: * (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) *.
وقرأ الضحاك والزهري: فطر، جعله فعلا ماضيا ونصب ما بعده. قال أبو الفضل الرازي: فأما على إضمار الذي فيكون نعتا لله عز وجل، وأما بتقدير قد فيما قبله فيكون بمعنى الحال. انتهى. وحذف الموصول الاسمي لا يجوز عند البصريين، وأما الحال فيكون حالا محكية، والأحسن عندي أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي هو فطر، وتقدم شرح * (فاطر * السماوات والارض) *، وأن المعنى خالقها بعد أن لم تكن، والسماوات والأرض عبارة عن العالم.
وقال أبو عبد الله الرازي: الحمد يكون في غالب الأمر على النعمة، ونعم الله عاجلة، و * (الحمد لله الذى خلق * السماوات والارض * وجعل الظلمات والنور) *، إشارة إلى أن النعمة العاجلة ودليله: * (هو الذى خلقكم من طين ثم قضى أجلا) *، و * (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب) *، إشارة إليها أيضا، وهي الاتقاء، فإن الاتقاء والصلاح بالشرع والكتاب. والحمد في سورة سبأ إشارة إلى نعمة الإيجاد والحشر، ودليله: * (يعلم ما يلج فى الارض وما يخرج منها) * منها، وقوله: * (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة) *، وهنا إشارة إلى نعمة البقاء في الآخرة، ودليله: * (وتتلقاهم الملئكة) *. ففاطر السماوات والأرض شاقهما لنزول الأرواح من السماء، وخروج الأجساد من الأرض دليله: * (جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة) *: أي في ذلك اليوم. فأول هذه السورة متصل بآخر ما مضى، لأن كما فعل بأشياعهم من قبل بيان لانقطاع رجاء من كان في شك مريب. ولما ذكر حالهم ذكر حال المؤمن وبشره بإرسال الملائكة إليهم مبشرين، وأنه يفتح لهم أبواب الرحمة.
وقرأ الحسن: جاعل بالرفع، أي هو جاعل؛ وعبد الوارث عن أبي عمرو: وجاعل رفعا بغير تنوين، الملائكة نصبا، حذف التنوين لالتقاء الساكنين. وقرأ ابن يعمر، وخليد بن نشيط: جعل فعلا ماضيا، الملائكة نصبا، وذلك بعد قراءته فاطر بألف، والجر كقراءة من قرأ: * (فالق الإصباح وجعل