مضمرة أي نعيدكم * (يوم ندعوا) * والأقرب من هذه الأقوال أن يكون منصوبا على المفعول به بأذكر مضمرة. وقرأ الجمهور: * (* ندعو) * بنون العظمة، ومجاهد يدعو بياء الغيبة أي يدعو الله، والحسن فيما ذكر أبو عمرو الداني يدعى مبنيا للمفعول * (والمؤمنون كل) * مرفوع به، وفيما ذكر غيره يدعو بالواو وخرج على إبدال الألف واوا على لغة من يقول: أفعو في الوقف على أفعى، وإجراء الوصل مجرى الوقف وكل مرفوع به، وعلى أن تكون الواو ضميرا مفعولا لم يسم فاعله، وأصله يدعون فحذفت النون كما حذفت في قوله:
* أبيت أسرى وتبيتى تدلكي * وجهك بالعنبر والمسك الزكي * أي تبيتين تدلكين وكل بدل من واو الضمير. * (* وأناس) * اسم جمع لا واحد له من لفظه، والباء في * (أناس بإمامهم) * الظاهر أنها تتعلق بندعو، أي باسم إمامهم. وقيل: هي باء الحال أي مصحوبين * (بإمامهم) *. والإمام هنا قال ابن عباس والحسن وأبو العالية والربيع كتابهم الذي فيه أعمالهم. وقال الضحاك وابن زيد: كتابهم الذي نزل عليهم. وقال مجاهد وقتادة: نبيهم. قال ابن عطية: والإمام يعم هذا كله لأنه مما يؤتم به. وقال الزمخشري: إمامهم من ائتموا به نبي أو مقدم في الدين أو كتاب أو دين، فيقال: يا أهل دين كذا وكتاب كذا. وقيل: بكتاب أعمالهم يا أصحاب كتاب الخير ويا أصحاب كتاب الشر. وفي قراءة الحسن بكتابهم ومن بدع التفسير أن الإمام جمع أم وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم، وأن الحكمة في الدعاء بالأمهات دون الآباء رعاية حق عيسى وشرف الحسن والحسين. وأن لا يفتضح أولاد الزنا وليت شعري أيهما أبدع أصحة لفظه أم بهاء حكمته انتهى. وإيتاء الكتاب دليل على ما تقرر في الشريعة من الصحف التي يؤتاها المؤمن والكافر، وإيتاؤه باليمين دليل على نجاة الطائع وخلاص الفاسق من النار إن دخلها وبشارته أنه لا يخلد فيها * (فأولئك) * جاء جمعا على معنى من إذ قد حمل على اللفظ أولا فأفرد في قوله * (أوتى كتابه بيمينه) * وقراءتهم كتبهم هو على سبيل التلذذ بالإطلاع على ما تضمنتها من البشارة، وإلا فقد علموا من حيث إيتاؤهم إياها باليمين أنهم من أهل السعادة ومن فرحهم بذلك يقول الباري لأهل المحشر: * (هاؤم اقرؤا كتابيه) * ولم يأت هنا قسيم من * (أوتى كتابه بيمينه) * وهو من يؤتي كتابه بشماله، وإن كان قد أتى في غير هذه الآية بل جاء قسيمه قوله.
* (ومن كان فى هاذه أعمى) * وذلك من حيث المعنى مقابله لأن من * (أوتى كتابه بيمينه) * هم أهل السعادة * (ومن كان فى هاذه أعمى) * هم أهل الشقاوة * (ولا يظلمون فتيلا) * أي لا ينقصون أدنى شيء وتقدم شرح الفتيل في سورة النساء. والظاهر أن الإشارة بقوله: * (فى هاذه) * إلى الدنيا وقاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد أي: من كان في هذه الدار أعمى عن النظر في آيات الله وعبره والإيمان بأنبيائه، فهو في الآخرة أعمى إما أن يكون على حذف مضاف أي في شأن الآخرة، وإما أن يكون فهو يوم القيامة أعمى معنى أنه خبر إن لا يتوجه له صواب ولا يلوح له نجح. وقال مجاهد: هو أعمى في الآخرة عن حججه. وقال ابن عباس أيضا: * (ومن كان فى هاذه) * النعم يشير إلى نعم التكريم والتفضيل فهو في الآخرة التي لم تر ولم تعاين * (أعمى) *. وقيل: ومن كان في الدنيا ضالا كافرا فهو في الآخرة أعمى * (وأضل سبيلا) * لأنه في الدنيا تقبل توبته، وفي الآخرة لا تقبل وفي الدنيا يهتدي إلى التخلص من الآفات، وفي الآخرة لا يهتدي إلى ذلك البتة. وقيل: فهو في الآخرة أعمى عن طريق الجنة. وقيل: أعمى البصر كما قال * (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا) * وقوله