تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٣٤
يحل لك العزم عليه؟ انتهى. وهذا الذي ذهب إليه من أن * (عنه) * في موضع الرفع بالفاعلية، ويعني به أنه مفعول لم يسم فاعله لا يجوز لأن الجار والمجرور وما يقام مقام الفاعل من مفعول به ومصدر وظرف بشروطهما جار مجرى الفاعل، فكما أن الفاعل لا يجوز تقديمه فكذلك ما جرى مجراه وأقيم مقامه، فإذا قلت غضب على زيد فلا يجوز على زيد غضب بخلاف غضبت على زيد فيجوز على زيد غضبت. وقد حكي الاتفاق من النحويين على أنه لا يجوز تقديم الجار والمجرور الذي يقام مقام الفاعل على الفعل أبو جعفر النحاس ذكر ذلك في المقنع من تأليفه، فليس * (عنه مسؤولا) * كالمغضوب عليهم لتقدم الجار والمجرور في * (عنه مسؤولا) * وتأخيره في * (المغضوب عليهم) * وقول الزمخشري: ولم نظرت ما لم يحل لك أسقط إلى، وهو لا يجوز إلا إن جاء في ضرورة شعر لأن نظر يتعدى بإلى فكان التركيب، ولم نظرت إلى ما لم يحل لك كما قال النظر إليه فعداه بإلى.
وانتصب * (مرحا) * على الحال أي * (مرحا) * كما تقول: جاء زيد ركضا أي راكضا أو على حذف مضاف أي ذا مرح، وأجاز بعضهم أن يكون مفعولا من أجله أي * (ولا تمش فى الارض) * للمرح ولا يظهر ذلك، وتقدم أن المرح هو السرور والاغتباط بالراحة والفرح وكأنه ضمن معنى الاختيال لأن غلبة السرور والفرح يصحبها التكبر والاختيال، ولذلك بقوله علل * (إنك لن تخرق الارض) *. وقرأت فرقة فيما حكي يعقوب: * (مرحا) * بكسر الراء وهو حال أي لا تمش متكبرا مختالا. قال مجاهد: لن تخرق بمشيك على عقبيك كبرا وتنعما، * (ولن تبلغ الجبال) * بالمشي على صدور قدميك تفاخرا و * (طولا) * والتأويل أن قدرتك لا تبلغ هذا المبلغ فيكون ذلك وصلة إلى الاختيال. وقال الزجاج: * (لا * تمش فى الارض) * مختالا فخورا، ونظيره: * (وعباد الرحمان الذين يمشون على الارض هونا) * و * (تصعر خدك للناس ولا تمش فى الارض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور) *. وقال الزمخشري: * (لن تخرق الارض) * لن تجعل فيها خرقا بدوسك لها وشدة وطئك، * (ولن تبلغ الجبال
(٣٤)
مفاتيح البحث: الزمخشري (2)، الجواز (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»