بسبب إقدامه على القتل، ويكون معناه الترغيب في العفو كما قال * (وأن تعفوا * أقرب للتقوى) * انتهى ملخصا. ولو سلم أن * (فى) * بمعنى الباء لم يكن صحيح المعنى، لأن من القتل بحق قاتل موليه لا يصير مسرقا بقتله، وإنما الظاهر والله أعلم النهي عما كانت الجاهلية تفعله من قتل الجماعة بالواحد، وقتل غير القاتل والمثلة ومكافأة الذي يقتل من قتله. وقال مهلهل حين قتل بجير بن الحارث بن عباد: بؤبشسع نعل كليب.
وأبعد من ذهب إلى أن الضمير في * (فلا يسرف) * ليس عائدا على الولي، وإنما يعود على العامل الدال عليه، ومن قتل أي * (لا * يسرف) * في القتل تعديا وظلما فيقتل من ليس له قتله. وقرأ الجمهور * (فلا يسرف) * بياء الغيبة. وقرأ الأخوان وزيد بن علي وحذيفة وابن وثاب والأعمش ومجاهد بخلاف وجماعة، وفي نسخة من تفسير ابن عطية وابن عامر وهو وهم بتاء الخطاب والظاهر أنه على خطاب الولي فالضمير له. وقال الطبري: الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم) والأئمة من بعده أي فلا تقتلوا غير القاتل انتهى. قال ابن عطية: وقرأ أبو مسلم السراج صاحب الدعوة العباسية. وقال الزمخشري قرأ أبو مسلم صاحب الدولة. وقال صاحب كتاب اللوامح أو مسلم العجلي مولى صاحب الدولة: * (فلا يسرف) * بضم الفاء على الخبر، ومعناه النهي وقد يأتي الأمر والنهي بلفظ الخبر. وقال ابن عطية في الاحتجاج بأبي مسلم في القراءة نظر، وفي قراءة أبي فلا تسرفوا في القتل إن ولي المقتول كان منصورا انتهى. رده على ولا تقتلوا والأولى حمل قوله إن ولي المقتول على التفسير لا على القراءة لمخالفته السواد، ولأن المستفيض عنه * (إنه كان منصورا) * كقراءة الجماعة والضمير في * (أنه) * عائد على الولي لتناسق الضمائر ونصره إياه بأن أوجب له القصاص، فلا يستزاد على ذلك أو نصره بمعونة السلطان وبإظهار المؤمنين على استيفاء الحق. وقيل: يعود الضمير على المقتول نصره الله حيث أوجب القصاص بقتله في الدنيا، ونصره بالثواب في الآخرة. قال ابن عطية: وهو أرجح لأنه المظلوم، ولفظة النصر تقارن الظلم كقوله عليه السلام: (ونصر المظلوم وإبرار القسم) وكقوله: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) إلى كثير من الأمثلة. وقيل: على القتل. وقال أبو عبيد: على القاتل لأنه إذا قتل في الدنيا وخلص بذلك من عذاب الآخرة فقد نصر، وهذا ضعيف بعيد القصد. وقال الزمخشري: وإنما يعني أن يكون الضمير في أنه الذي بقتله الولي بغير حق ويسرف في قتله فإنه منصور بإيجاب القصاص على المسرف انتهى. وهذا بعيد جدا.
* (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده) * لما نهى عن إتلاف النفوس نهى عن أخذ الأموال كما قال: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم). لما كان اليتيم ضعيفا عن أن يدفع عن ماله لصغره نص على النهي عن قربان ماله، وتقدم تفسير هذه الآية في أواخر الأنعام. * (وأوفوا بالعهد) * عام فيما عقده الإنسان بينه وبين ربه، أو بينه وبين ربه، أو بينه وبين آدمي في طاعة * (إن العهد كان) * ظاهره أن العهد هو المسؤول من المعاهد أن يفي به ولا ينكث ولا يضيعه أو يكون من باب التخييل، كأنه يقال: للعهد لم نكثت، فمثل كأنه ذات من الذوات تسأل لم نكثت دلالة على المطاوعة بنكثه وإلزام ما يترتب على نكثه، كما جاء * (وإذا الموءودة سئلت * بأى * ذنب قتلت) * فيمن قرأ بسكون اللام وكسر التاء التي للخطاب. وقيل: هو على حذف مضاف أي إن ذا العهد كان مسؤولا عنه إن لم يف به.
ثم أمر تعالى بإيفاء الكيل وبالوزن المستقيم، وذلك مما يرجع إلى المعاملة بالأموال. وفي قوله * (وأوفوا الكيل) * دلالة على أن الكيل هو على البائع لأنه لا يقال ذلك للمشتري. وقال الحسن: * (* القسطاس) * القبان وهو الفلسطون ويقال القرسطون. وقال مجاهد: * (* القسطاس) * العدل لا أنه آلة. وقرأ الأخوان وحفص بكسر القاف، وباقي السبعة بضمها وهما لغتان. وقرأت فرقة بالإبدال من السين الأولى صادا. قال ابن عطية: واللفظية للمبالغة من القسط انتهى. ولا يجوز أن يكون من القسط لاختلاف المادتين لأن القسط مادته ق س ط، وذلك مادته ق س ط س إلا أن