قدماه تربته وروى أنه خلع نعليه وألقاهما من وراء الوادي. و * (المقدس) * المطهر و * (طوى) * اسم علم عليه فيكون بدلا أو عطف بيان.
وقرأ الحسن والأعمش وأبو حيوة وابن أبي إسحاق وأبو السمال وابن محيص بكسر الطاء منونا. وقرأ الكوفيون وابن عامر بضمها منونا. وقرأ الحرميان وأبو عمرو بضمها غير منون. وقرأ أبو زيد عن أبي عمرو بكسرها غير منون. وقرأ عيس بن عمر والضحاك طاوى أذهب فمن نون فعلى تأويل المكان، ومن لم ينون وضم الطاء فيحتمل أن يكون معدولا عن فعل نحو زفر وقثم، أو أعجميا أو على معنى البقعة، ومن كسر ولم ينون فمنع الصرف باعتبار البقعة. وقال الحسن: * (طوى) * بكسر الطاء والتنوين مصدر ثنيت فيه البركة والتقديس مرتين فهو بوزن الثناء وبمعناه وذلك لأن الثنا بالكسر والقصر الشيء الذي تكرره، فكذلك الطوى على هذه القراءة. وقال قطرب * (طوى) * من الليل أي ساعة أي قدس لك في ساعة من الليل لأنه نودي بالليل، فلحق الوادي تقديس محدد أي * (إنك * إذ ناداه) * ليلا. قرأ طلحة والأعمش وابن أبي ليلى وحمزة وخلف في اختياره وأما بفتح الهمزة وشد النون اخترناك بنون العظمة.
وقرأ السلمي وابن هرمز والأعمش في رواية * (وأنا) * والألف عطفا على * (إنى أنا ربك) * لأنهم كسروا ذلك أيضا، والجمهور * (وأنا اخترتك) * بضمير المتكلم المفرد غير المعظم نفسه. وقرأ أبي وأني بفتح الهمزة وياء المتكلم * (اخترتك) * بتاء عطفا على * (إنى أنا ربك) * ومفعول * (اخترتك) * الثاني المتعدي إليه بمن محذوف تقديره من قومك. والظاهر أن * (لما يوحى) * من صلة استمع وما بمعنى الذي.
وقال الزمخشري وغيره: * (لما * يوحى) * للذي يوحى أو للوحي، فعلق اللام باستمع أو باخترتك انتهى. ولا يجوز التعليق باخترتك لأنه من باب الأعمال فيجب أو يختار إعادة الضمير مع الثاني، فكان يكون فاستمع له لما يوحى فدل على أنه إعمال الثاني.
وقال أبو الفضل الجوهري: لما قيل لموسى صلوات الله على نبينا وعليه استمع لما يوحى وقف على حجر واستند إلى حجر ووضع يمينه على شماله وألقى ذقنه على صدره، ووقف ليستمع وكان كل لباسه صوفا. وقال وهب: أدب الاستماع سكون الجوارح وغض البصر والإصغاء بالسمع وحضور العقل والعزم على العمل، وذلك هو الاستماع لما يحب الله وحذف الفاعل في * (يوحى) * للعلم به ويحسنه كونه فاصلة، فلو كان مبنيا للفاعل لم يكن فاصلة والموحى قوله * (إنى أنا الله) * إلى آخره معناه وحدني كقوله تعالى * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * إلى آخر الجمل جاء ذلك تبيينا وتفسيرا للإبهام في قوله * (لما يوحى) *. وقال المفسرون * (فاعبدنى) * هنا وحدني كقوله تعالى * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * معناه ليوحدون، والأولى أن يكون * (فاعبدنى) * لفظ يتناول ما كلفه به من العبادة، ثم عطف عليه ما هو قد يدخل تحت ذلك المطلق فبدأ بالضلالة إذ هي أفضل الأعمال وأنفعها في الآخرة، والذكر مصدر يحتمل أن يضاف إلى الفاعل أي ليذكرني فإن ذكري أن اعبدو يصلي لي أو ليذكرني فيها لاشتمال الصلاة على الأذكار أو لأني ذكرتها في الكتب وأمرت بها، ويحتمل أن تضاف إلى المفعول أي لأن أذكرك بالمدح والثناء وأجعل لك لسان صدق، أو لأن تذكرني خاصة لا تشو به بذكر غيري أو خلاص ذكري وطلب وجهي لا ترائي بها ولا تقصد بها غرضا آخر، أو لتكون لي ذاكرا غير ناس فعل المخلصين في جعلهم ذكر ربهم على إبل منهم وتوكيل هممهم وأفكارهم به كما قال * (لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) * أو لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة لقوله * (فإذا قضيتم الصلواة فاذكروا الله قياما وقعودا) * واللام على هذا القول مثلها في قوله * (أقم الصلواة لدلوك الشمس) * وقد حمل على ذكر الصلاة بعد نسيانها من قوله عليه الصلاة والسلام: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها).
قال الزمخشري: وكان حق العبادة أن يقال لذكرها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم))