* فلا تغضبن من سيرة أنت سرتها * فأول راض سيرة من يسيرها * واختلفوا في إعراب * (سيرتها) * فقال الحوفي مفعول ثان لسنعيدها على حذف الجار مثل * (واختار موسى قومه) * يعني إلى * (سيرتها) * قال: ويجوز أن يكون بدلا من مفعول * (سنعيدها) *. وقال هذا الثاني أبو البقاء قال: بدل اشتمال أي صفتها وطريقتها. وقال الزمخشري: يجوز أن ينتصب على الظرف أي * (سنعيدها) * في طريقتها الأولى أي في حال ما كانت عصا انتهى. و * (سيرتها) * وطريقتها ظرف مختص فلا يتعدى إليه الفعل على طريقة الظرفية إلا بواسطة، في ولا يجوز الحذف إلا في ضرورة أو فيما شذت فيه العرب. قال الزمخشري: ويجوز أن يكون مفعولا من عاده بمعنى عاد إليه. ومنه بيت زهير:
وعادك أن تلاقيها عداء فيتعدى إلى مفعولين انتهى. وهذا هو الوجه الأول الذي ذكره الحوفي. قال: ووجه ثالث حسن وهو أن يكون * (سنعيدها) * مستقلا بنفسه غير متعلق بسيرتها، بمعنى أنها أنشئت أول ما أنشئت عصا ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية، فسنعيدها بعد الذهاب كما أنشأناها أولا ونصب * (سيرتها) * بفعل مضمر أي تسير * (سيرتها الاولى) * يعني * (سنعيدها) * سائرة * (سيرتها الاولى) * حيث كنت تتوكأ عليها، ولك فيها المآرب التي عرفتها انتهى.
والجناح حقيقة في الطائر والملك، ثم توسع فيه فأطلق على اليد وعلى العضد وعلى جنب الرجل. وقيل لمجنبتي العسكر جناحان على سبيل الاستعارة، وسمي جناح الطائر لأنه يجنح به عند الطيران، ولما كان المرغوب من ظلمة أو غيرها إذا ضم يده إلى جناحه فتر رغبة وربط جأشه أمره تعالى أن يضم يده إلى جناحه ليقوى جأشه ولتظهر له هذه الآية العظيمة في اليد. والمراد إلى جنبك تحت العضد. ولهذا قال * (تخرج) * فلو لم يكن دخول لم يكن خروج كما قال في الآية الأخرى * (وأدخل يدك فى جيبك تخرج) * وفي الكلام حذف إذ لا يترتب الخروج على الضم وإنما يترتب على الإخراج والتقدير * (واضمم يدك إلى جناحك) * تنضم وأخرجها * (تخرج) * فحذف من الأول وأبقى مقابله، ومن الثاني وأبقى مقابله وهو * (* اضمم) * لأنه بمعنى أدخل كما يبين في الآية الأخرى.
* (جناحك تخرج بيضاء من غير سوء) * قيل خرجت بيضاء تشف وتضئ كأنها شمس، وكان آدم اللون وانتصب * (بيضاء) * على الحال والسوء الرداءة والقبح في كل شيء فكنى به عن البرص كما كنى عن العورة بالسوأة، وكما كنوا عن جذيمة وكان أبرص بالأبرص والبرص أبغض شيء إلى العرب وطباعهم تنفر منه وأسماعهم تمج ذكره فكنى عنه. وقوله * (من غير سوء) * متعلق ببيضاء كأنه قال ابيضت * (من غير سوء) *. وقال الحوفي: * (من غير سوء) * في موضع النعت لبيضاء، والعامل فيه الاستقرار انتهى. ويقال له عند أرباب البيان الاحتراس لأنه لو اقتصر على قوله * (بيضاء) * لأوهم أن ذلك من برص أو بهق. وانتصب * (ءاية) * على الحال وهذا على مذهب من يجيز تعداد الحال لذي حال واحد. وأجاز الزمخشري أن يكون منصوبا على إضمار خذ ودونك وما أشبه ذلك حذف لدلالة الكلام كذا قال، فأما تقدير خذ فسائغ وأما دونك فلا يسوغ لأنه اسم فعل من باب الإغراء فلا يجوز أن يحذف النائب والمنوب عنه ولذلك لم يجر مجراه في جميع أحكامه، وأجاز أبو البقاء والحوفي أن يكون * (ءاية) * بدلا من * (بيضاء) * وأجاز أبو البقاء أن يكون حالا من الضمير في * (بيضاء) * أي تبيض * (ءاية) *. وقيل منصوب بمحذوف تقديره