به المتقين وتنذر به قوما لدا) * أكد ذلك بقوله * (ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى * إلا تذكرة لمن يخشى) * والتذكرة هي البشارة والنذارة، وإن ما ادعاه المشركون من إنزاله للشقاء ليس كذلك بل إنما نزل تذكرة، والظاهر أن طه من الحروف المقطعة نحو: يس وألر وما أشبههما، وتقدم الكلام على ذلك في أول البقرة. وعن ابن عباس والحسن وابن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة: معنى * (طه) * يا رجل. فقيل بالنبطية. وقيل بالحبشية. وقيل بالعبرانية. وقيل لغة يمنية في عك. وقيل في عكل. وقال الكلبي: لو قلت في عك يا رجل لم يجب حتى تقول * (طه) *. وقال السدي معنى * (طه) * يا فلان. وأنشد الطبري في معنى يا رجل في لغة عك قول شاعرهم:
* دعوت بطه في القتال فلم يجب * فخفت عليه أن يكون موائلا وقول الآخر إن السفاهة طه من خلائقكملا بارك الله في القوم الملاعين وقيل هو اسم من أسماء الرسول. وقيل: من أسماء الله. وقال الزمخشري: ولعل عكا تصرفوا في يا هذا كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء فقالوا في يا طأ واختصروا هذا فاقتصروا على ها، وأثر الصنعة ظاهر لا يخفي في البيت المستشهد به.
* إن السفاهة طه في خلائقكم لا قدس الله أخلاق الملاعين * انتهى. وكان قد قدم أنه يقال إن طاها في لغة عك في معنى يا رجل، ثم تخرص وحزر على عك بما لا يقوله نحوي هو أنهم قلبوا الياء طاء وهذا لا يوجد في لسان العرب قلب يا التي للنداء طاء، وكذلك حذف اسم الإشارة في النداء وإقرارها التي للتنبيه. وقيل: طا فعل أمر وأصله طأ، فخففت الهمزة بإبدالها ألفا وها مفعول وهو ضمير الأرض، أي طأ الأرض بقدميك ولا تراوح إذ كان يراوح حتى تورمت قدماه. وقرأت فرقة منهم الحسن وعكرمة وأبو حنيفة وورش في اختياره * (طه) *. قيل: وأصله طأ فحذفت الهمزة بناء على قلبها في يطأ على حد لا هناك المرتع بني الأمر عليه وأدخلت هاء السكت وأجري الوصل مجرى الوقف، أو أصله طأ وأبدلت همزته هاء فقيل * (طه) *. وقرأ الضحاك وعمرو بن فائد: طاوي.
وقرأ طلحة ما نزل عليك بنون مضمومة وزاي مكسورة مشددة مبنيا للمفعول * (القرءان) * بالرفع. وقرأ الجمهور * (ما أنزلنا عليك القرءان) * ومعنى * (لتشقى) * لتتعب بفرط تأسفك عليهم وعلى كفرهم وتحسرك على أن يؤمنوا كقوله * (لعلك باخع نفسك) * والشقاء يجيء في معنى التعب ومنه المثل: أتعب من رائض مهر. وأشقى من رائض مهر. قال الزمخشري: أي ما عليك إلا أن تبلغ وتذكر ولم يكتب عليك أن يؤمنوا لا محالة بعد أن لم تفرط في أداء الرسالة والموعطة الحسنة انتهى. وقيل: أريد رد ما قاله أبو جهل وغيره مما تقدم ذكره في سبب النزول. و * (لتشقى) * و * (تذكرة) * علة لقوله * (ما أنزلنا) * وتعدى في * (لتشقى) * باللام لاختلاف الفاعل إذ ضمير * (ما أنزلنا) * هو لله، وضمير * (لتشقى) * للرسول صلى الله عليه وسلم)، ولما اتحد الفاعل في * (أنزلنا) * و * (تذكرة) * إذ هو مصدر ذكر، والمذكر هو الله وهو المنزل تعدى إليه الفعل فنصب على أن في اشتراط اتحاد الفاعل خلافا