تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٧
* دعتني أخاها أم عمرو ولم أكن * أخاها ولم أرضع لها بلبان وقال آخرألا رب من يدعي نصيحا وإن يغب تجده بغيب منك غير نصيحوقال الزمخشري: اقتصر على أحدهما الذي هو الثاني طلبا للعموم والإحاطة بكل ما دعا له ولدا، قال أو من دعا بمعنى نسب الذي مطاوعه ما في قوله عليه السلام: (من ادعى إلى غير مواليه). وقول الشاعر.
إنا بني نهشل لا ندعي لأب * أي لا ننتسب إليه انتهى. وكون * (دعوا) * هنا بمعنى سموا هو قول الأكثرين. وقيل: * (دعوا) * بمعنى جعلوا. و * (ينبغى) * مطاوع لبغي بمعنى طلب، أي وما يتأتى له اتخاذ الولد لأن التوالد مستحيل والتبني لا يكون إلا فيما هو من جنس المتبنى، وليس له تعالى جنس و * (ينبغى) * ليس من الأفعال التي لا تتصرف بل سمع لها الماضي قالوا: أنبغى وقد عدها ابن مالك في التسهيل من الأفعال التي لا تتصرف وهو غلط و * (من) * موصولة بمعنى الذي أي ما كل الذي في السماوات وكل تدخل على الذي لأنها تأتي للجنس كقول تعالى * (والذى جاء بالصدق) * ونحو.
وكل الذي حملتني أتحمل وقال الزمخشري: * (من) * موصوفة لأنها وقعت بعد كل نكرة وقوعها بعد رب في قوله:
رب من أنضجت غيظا صدره انتهى. والأولى جعلها موصولة لأن كونها موصوفة بالنسبة إلى الموصولة قليل. وقرأ عبد الله وابن الزبير وأبو حيوة وطلحة وأبو بحرية وابن أبي عبلة ويعقوب إلا آت بالتنوين * (الرحمان) * بالنصب والجمهور بالإضافة و * (اتى) * خبر * (كل) * وانتصب * (عبدا) * على الحال. وتكرر لفظ * (الرحمان) * تنبيها على أنه لا يستحق هذا الاسم غيره، إذ أصول النعم وفروعها منه ومن في السماوات والأرض يشمل من اتخذوه معبودا من الملائكة وعيسى وعزيرا بحكم ادعائهم صحة التوالد أو بحكم زعمهم ذلك فأشركوهم في العبادة إذ خدمة الأبناء خدمة الآباء، فأخبر تعالى أنه ما من معبود لهم في السماوات أو في الأرض إلا يأتي الرحمن عبدا منقادا لا يدعي لنفسه شيئا مما نسبوه إليه.
ثم ذكر تعالى أنه * (أحصاهم) * وأحاط
(٢٠٧)
مفاتيح البحث: الزمخشري (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»