تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ١٥٥
الراء فخراج بالألف والخرج والخراج بمعنى واحد كالنول والنوال، والمعنى جعلا تخرجه من أموالنا، وكل ما يستخرج من ضريبة وجزية وغلة فهو خراج وخرج. وقيل: الخرج المصدر أطلق على الخراج، والخراج الاسم لما يخرج. وقال ابن الأعرابي: الخرج على الرؤوس يقال: أد خرج رأسك، والخراج على الأرض. وقال ثعلب: الخرج أخص والخراج أعم. وقيل: الخرج المال يخرج مرة والخراج المجبي المتكرر عرضوا عليه أن يجمعوا له أموالا يقيم بها أمر السد. وقال ابن عباس * (* خراجا) * أجرا.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر * (وبينهم سدا) * بضم السين وابن محيصن وحميد والزهري والأعمش وطلحة ويعقوب في رواية وابن عيسى الأصبهاني وابن جرير وباقي السبعة بفتحها * (قال ما مكنى فيه ربى خير) * أي ما بسط الله لي من القدرة والملك خير من خرجكم * (فأعينونى بقوة) * أي بما أتقوى به من فعلة وصناع يحسنون العمل والبناء؛ قاله مقاتل وبالآلات؛ قال الكلبي * (ردما) * حاجزا حصينا موثقا. وقرأ ابن كثير وحميد: ما مكنني بنونين متحركتين، وباقي السبعة بإدغام نون مكن في نون الوقاية.
ثم فسر الإعانة بالقوة فقال * (زبر الحديد حتى) * أي أعطوني. قال ابن عطية: إنما هو استدعاء مناولة لا استدعاء عطية وهبة لأنه قد ارتبط من قوله إنه لا يأخذ منهم الخراج، فلم يبق إلا استدعاء المناولة انتهى. وقرأ الجمهور * (ءاتونى) *. وقرأ أبو بكر عن عاصم ائتوني أي جيئوني. وانتصب * (زبر) * بإيتوني على إسقاط حرف الجر أي جيئوني بزبر * (الحديد) *. وقرأ الجمهور * (زبر) * بفتح الباء والحسن بضمها، وفي الكلام حذف تقديره فأتوه أو فآتوه بها فأمر برص بعضها فوق بعض * (حتى إذا ساوى) *.
وقرأ الجمهور * (ساوى) * وقتادة سوى، وابن أبي أمية عن أبي بكر عن عاصم سووي مبنيا للمفعول. وحكي في الكيفية أن ذا القرنين قاس ما بين الصدفين من حفر الأساس حتى بلغ الماء ثم جعل حشوه الصخر وطينه النحاس مذاب، ثم يصب عليه والبنيان من زبر الحديد بينهما الحطب والفحم حتى سد ما بين الجبلين إلى أعلاهما، ثم وضع المنافخ حتى إذا صارت كالنار صب النحاس المذاب على الحديد المحمى فاختلط والتصق بعضه ببعض وصار جبلا صلدا. وقيل: طول ما بين السدين مائة فرسخ وعرضه خمسون. وفي الحديث أن رجلا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) به فقال: (كيف رأيته)؟ فقال: كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء، قال: (قد رأيته).
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والزهري ومجاهد والحسن * (الصدفين) * بضم الصاد والدال، وأبو بكر وابن محيصن وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن كذلك إلا أنه سكن الدال وباقي السبعة وأبو جعفر وشيبة وحميد وطلحة وابن أبي ليلى وجماعة عن يعقوب وخلف في اختياره وأبو عبيد وابن سعدان بفتحهما، وابن جندب بالفتح وإسكان الدال، ورويت عن قتادة. وقرأ الماجشون بالفتح وضم الدال. وقرأ قتادة وأبان عن عاصم بضم الصاد وفتح الدال * (حتى إذا جعله نارا) * في الكلام حذف تقديره فنفخوا حتى. وقرأ الجمهور قال * (ءاتونى) * أي أعطوني. وقرأ الأعمش وطلحة وحمزة وأبو بكر بخلاف عنه قال: ائتوني أي جيئوني و * (قطرا) * منصوب بأفرغ على إعمال الثاني، ومفعول * (ءاتونى) * محذوف لدلالة الثاني عليه.
* (فلما * اسطاعوا) * أي يأجوج ومأجوج * (أن يظهروه) * أي يصلوا عليه لبعده وارتفاعه واملاسه، ولا أن ينقبوه
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»