بالرحمة، ثم ذكر دليل رحمته وهو كونه تعالى * (لا * يؤاخذهم) * عاجلا بل يمهلهم مع إفراطهم في الكفر وعداوة الرسول صلى الله عليه وسلم)، والموعد أجل الموت، أو عذاب الآخرة، أو يوم بدر، أو يوم أحد، وأيام النصر أو العذاب إما في الدنيا وإما في الآخرة أقوال.
والموئل قال مجاهد: المحرز. وقال الضحاك: المخلص والضمير في * (من دونه) * عائد على الموعد. وقرأ الزهري مولا بتشديد الواو من غير همز ولا ياء. وقرأ أبو جعفر عن الحلواني عنه مولا بكسر الواو خفيفة من غير همز ولا ياء. وقرأ الجمهور بسكون الواو وهمزة بعدها مكسورة، وإشارة تعالى بقوله * (وتلك القرى) * إلى القرى المجاورة أهل مكة والعرب كقرى ثمود وقوم لوط وغيرهم، ليعتبروا بما جرى عليهم وليحذروا ما يحل بهم كما حل بتلك القرى. * (وتلك) * مبتدأ و * (القرى) * صفة أو عطف بيان والخبير * (أهلكناهم) * ويجوز أن تكون * (القرى) * الخبر و * (أهلكناهم) * جملة حالية كقوله * (فتلك بيوتهم خاوية) * ويجوز أن تكون * (تلك) * منصوبا بإضمار فعل يفسره ما بعده أي وأهلكنا * (تلك القرى * أهلكناهم) * و * (تلك القرى) * على إضمار مضاف أي وأصحاب تلك القرى، ولذلك عاد الضمير على ذلك المضمر في قوله * (أهلكناهم) *.
وقوله * (لما ظلموا) * إشعار بعلة الإهلاك وهي الظلم، وبهذا استدل الأستاذ أبو الحسن بن عصفور على حرفية * (لما) * وأنها ليست بمعنى حين لأن الظرف لا دلالة فيه على العلية. وفي قوله * (لما ظلموا) * تحذير من الظلم إذ نتيجته الإهلاك وضربنا لإهلاكهم وقتا معلوما، وهو الموعد واحتمل أن تكون مصدرا أو زمانا. وقرأ الجمهور بضم الميم وفتح اللام، واحتمل أن يكون مصدرا مضافا إلى المفعول وأن يكون زمانا. وقرأ حفص وهارون عن أبي بكر بفتحتين وهو زمان الهلاك. وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام مصدر هلك يهلك وهو مضاف للفاعل. وقيل: هلك يكون لازما ومتعديا فعلى تعديته يكون مضافا للمفعول، وأنشد أبو علي في ذلك:
ومهمه هالك من تعرجا ولا يتعين ما قاله أبو علي في هذا البيت، بل قد ذهب بعض النحويين إلى أن هالكا فيه لازم وأنه من باب الصفة المشبهة أصله هالك من تعرجا. فمن فاعل ثم أضمر في هالك ضمير مهمه، وانتصب * (من) * على التشبيه بالمفعول ثم أضاف من نصب، وقد اختلف في الموصول هل يكون من باب الصفة المشبهة؟ والصحيح جواز ذلك وقد ثبت في أشعار العرب. قال الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة:
* أسيلات أبدان دقاق خصورها * وثيرات ما التفت عليها الملاحف * وقال آخر:
* فعجتها قبل الأخيار منزلة * والطيبي كل ما التاثت به الأزر * (* (وإذ قال موسى لفتاه لاأبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا * فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله فى البحر سربا * فلما جاوزا قال لفتاه