* فتى كالسحاب الجون يخشى ويرتجى * يرجى الحيا منه وتخشى الصواعق * . وقيل: يخاف البرذ المطر من له منه ضرر كالمسافر، ومن في جرينته التمر والزبيب، ومن له بيت يكف، ومن البلاد ما لا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر انتهى. وقوله الأول في تفسير الخوف والطمع، هو قول ابن عباس والحسن الذي تقدم، وقوله: كأهل مصر، ليس كما ذكر، بل ينتفعون بالمطر في كثير من أوقات نمو الزرع، وأنه به ينمو ويجود، بل تمر على الزرع أوقات يتضرر وينقص نموه بامتناع المطر. وأجاز الزمخشري أن يكونا منصوبين على الحال من البرق، كأنه في نفسه خوف وطمع، أو على ذا خوف وطمع. وقال أبو البقاء: خوفا وطمعا مفعول من أجله. وقال الزمخشري: لا يصح أن يكون مفعولا لهما، لأنهما ليسا بفعل الفاعل الفعل المعلل إلا على تقدير حذف المضاف أي: إرادة خوف وطمع، أو على معنى إخافة وإطماعا انتهى. وإنما لم يكونا على ظاهرهما بفعل الفاعل الفعل المعلل لأن الإرادة فعل الله، والخوف والطمع فعل للمخاطبين، فلم يتحد الفاعل في الفعل في المصدر. وهذا الذي ذكره الزمخشري من شرط اتحاد الفاعل فيهما ليس مجمعا عليه، بل من النحويين من لا يشترط ذلك، وهو مذهب ابن خروف. والسحاب اسم جنس يذكر ويؤنث، ويفرد ويجمع، قال: (والنخل باسقات) ولذلك جمع في قوله: الثقال، ويعني بالماء، وهو جمع ثقيلة. قال مجاهد وقتادة: معناه تحمل الماء، والعرب تصفها بذلك. قال قيس بن أخطم:
* فما روضة من رياض القطا * كأن المصابيح جودانها * * بأحسن منها ولا مزنة * ولوح يكشف أوجانها * والدلوج المثقلة، والظاهر إسناد التسبيح إلى الرعد. فإن كان يصح منه التسبيح فهو إسناد حقيقي، وإن كان مما لا يصح منه فهو إسناد مجازي. وتنكيره في قوله: * (فيه ظلمات ورعد وبرق) * ينفي أن يكون علما لملك. وقال ابن الأنباري: الإخبار بالصوت عن التسبيح مجاز كما يقول القائل: قد غمني كلامك. وقال الزمخشري: ويسبح سامعو الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له، أي: يضجون بسبحان الله والحمد لله. وفي الحديث: (سبحان من يسبح الرعد بحمده) وعن علي: (سبحان من سبحت له إذا اشتد الرعد) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم): (اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك) ومن بدع المتصوفة: الرعد صعقات الملائكة، والبرق زفرات أفئدتهم، والمطر بكاؤهم انتهى. وقال ابن عطية: وقيل في الرعد أنه ريح يختنق بين السحاب، روى ذلك عن ابن عباس. وهذا عندي لا يصح لأن هذا نزغات الطبيعيين وغيرهم من الملاحدة. وقال أبو عبد الله الرازي: إعلم أن المحققين من الحكماء يذكرون أن هذه الآثار العلوية إنما تتم بقوى روحانية فلكية، وللسحاب روح معين من الأرواح الفلكية يدبره، وكذا القول في الرياح، وفي سائر الآثار العلوية. وهذا عين ما قلناه أن الرعد اسم لملك من الملائكة يسبح الله تعالى، فهذا الذي قاله المفسرون بهذه العبارة هو عين ما ذكره المحققون من الحكماء، فكيف بالعاقل الإنكار؟ انتهى. وهذا الرجل غرضه جريان ما تنتحله الفلاسفة على مناهج الشريعة، وذلك لا يكون أبدا، وقد تقدم أقوال المفسرين في الرعد في البقرة، فلم يجمعوا على أن اسم لملك. وعلى تقدير أن يكون اسما لملك، لا يلزم أن يكون ذلك الملك يدبر لا للسحاب ولا غيره، إذ لا يستفاد مثل هذا إلا من النبي صلى الله عليه وسلم) المشهود له بالعصمة، لا من الفلاسفة الضلال. والظاهر عود الضمير في قوله: من خيفته، على الله تعالى كما عاد في قوله: بحمده. ومعنى خيفته: من هيبته وإجلاله.