درهما على أهل الفضة، وفرض عمر ضيافة وأرزاقا وكسوة. وقال الثوري: رويت عن عمر ضرائب مختلفة، وأظن ذلك بحسب اجتهاده في عسرهم ويسرهم. وقال الشافعي وغيره: على كل رأس دينار. وقال أبو حنيفة: على الفقير المكتسب اثنا عشر درهما، وعلى المتوسط في المعنى ضعفها، وعلى المكثر ضعف الضعف ثمانية وأربعون درهما، ولا يؤخذ عنده من فقير لا كسب له. قال ابن عطية: وهذا كله في الفترة. وأما الصلح فهو ما صولحوا عليه من قليل أو كثير. وأما وقتها فعند أبي حنيفة أول كل سنة، وعند الشافعي آخر السنة. وسميت جزية من جزى يجزي إذ كافأ عما أسدي عليه، فكأنهم أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن، وهي كالعقدة والجلسة، ومن هذا المعنى قول الشاعر:
* نجزيك أو نثني عليك وأن من * أثنى عليك بما فعلت فقد جزى * وقيل: لأنها طائفة مما على أهل الذمة أن يجزوه أي يقضوه عن يد. قال ابن عباس: يعطونها بأيديهم ولا يرسلون بها. وقال عثمان: يعطونها نقدا لا نسيئة. وقال قتادة: يعطونها وأيديهم تحت يد الآخذ، فالمعنى أنهم مستعلى عليهم. وقيل: عن اعتراف. وقيل: عن قوة منكم وقهر وذل ونفاذ أمر فيهم، كما تقول: اليد في هذا لفلان أي الأمر له. وقيل: عن إنعام عليهم بذلك، لأن قبولها منهم عوضا عن أرواحهم إنعام عليهم من قولهم له: علي يد أي: نعمة. وقال القتبي: يقال أعطاه عن يد وعن ظهر يد، إذا أعطاه مبتدئا غير مكافىء. وقيل: عن يد عن جماعة أي: لا يعفى عن ذي فضل منهم لفضله. واليد جماعة القوم، يقال القوم على يد واحدة أي: هم مجتمعون. وقيل: عن يد أي عن غنى، وقدرة فلا تؤخذ من الفقير. ولخص الزمخشري في ذلك فقال: أما أن يريد يد الآخذ فمعناه حتى يعلوها عن يد قاهرة مستولية وعن إنعام عليهم، لأن قبول الجزية منهم وترك أرواحهم لهم نعمة عظيمة عليهم. وإما أن يريد المعطى فالمعنى عن يد مواتية غير ممتنعة، لأن من أبي وامتنع لم يعط يده بخلاف المطيع المنقاد، ولذلك قالوا: أعطى بيده إذا انقاد واحتجب. ألا ترى إلى قولهم: نزع يده عن الطاعة، أو عن يد إلى يد أي نقدا غير نسيئة، أولا مبعوثا على يد آخر ولكن عن يد المعطى البريد الآخذ. وهم صاغرون جملة حالية أي: ذليلون حقيرون. وذكروا كيفيات في أخذها منهم وفي صغارهم لم تتعرض لتعيين شيء منها الآية. قال ابن عباس: يمشون بها ملببين. وقال سليمان الفارسي: لا يحمدون على إعطائهم. وقال عكرمة: يكون قائما والآخذ جالسا. وقال الكلبي: يقال له عند دفعها أد الجزية ويصك في قفاه. وحكى البغوي: يؤخذ بلحيته ويضرب في لهزمته.
* (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذالك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل) * بين تعالى لحاق اليهود والنصارى بأهل الشرك وإن اختلفت طرق الشرك في فرق بين من يعبد الصنم وبين من يعبد المسيح وغيره، لأن الشرك هو أن يتخذ مع الله معبودا، بل عابد الوثن أخف كفرا من النصراني، لأنه لا يعتقد أن الوثن خالق العالم، والنصراني يقول بالحلول والاتحاد، وقائل ذلك قوم من اليهود كانوا بالمدينة. قال ابن عباس: قالها أربعة من أحبارهم: سلام بن مشكم، ونعمان بن أوفى، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف. وقيل: قاله فنحاص. وقال النقاش: لم يبق يهودي يقولها بل انقرضوا، وتذم الطائفة أو تمدح بصدور ما يناسب ذلك من بعضهم. قيل: والدليل على أن هذا القول كان فيهم أن الآية تليت عليهم فما أنكروا ولا كذبوا مع تهالكهم على التكذيب، وسبب هذا القول أن اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى، فرفع الله عنهم التوراة ومحاها من قلوبهم، فخرج عزير وهو غلام يسيح في الأرض، فأتاه