تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٥٠
أرسله، وقيل: مما كتب الله أن يعذب به من السجل، وسجل لفلان. ومعنى هذه اللفظة: ماء وطين، هذا قول: ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وعكرمة، والسدي، وغيرهم. وذهبوا إلى أن الحجارة التي رموا بها كانت كالآجر المطبوخ. وقيل: حجر مخلوط بطين أي حجر وطين، ويمكن أن يعود هذا إلى الآجر. وقال أبو عبيدة: الشديد من الحجارة الصلب، مسومة عليها سيما يعلم بها أنها ليست من حجارة الأرض قاله: ابن جريج. وقال عكرمة وقتادة: إنه كان فيها بياض. وقيل: مكتوب على كل حجر اسم من رمى به، قاله الربيع. وعن ابن عباس، والحسن: بياض في حمرة. وعن ابن عباس أيضا: الحجر أبيض فيه نقطة سوداء، وأسود فيه نقطة بيضاء. وعن عكرمة وقتادة أيضا: فيها خطوط حمر على هيئة الجزع. وقيل: وكانت مثل رؤوس الإبل، ومثل مبارك الإبل. وقيل: قبضة الرجل. قال ابن عباس ومقاتل: معنى من عند ربك، جاءت من عند ربك. وقيل: معدة عند ربك قاله: أبو بكر الهذلي. قال ابن الأنباري: المعنى لزم هذا التسويم الحجارة عند الله إيذانا بنفاذ قدرته وشدة عذابه. والظاهر أن ضمير هي عائد على القرى التي جعل الله أعاليها أسافلها، والمعنى: أن ذوات هذه المدن كانت بين المدينة والشام، يمر عليها قريش في مسيرهم، فالنظر إليه وفيها فيه اعتبار واتعاظ. وقيل: هي عائدة على الحجارة، وهي أقرب مذكور. وقال ابن عباس: وما عقوبتهم ممن يعمل عملهم ببعيد، والظاهر عموم الظالمين. وقيل: عنى به قريش. وفي الحديث: (إنه سيكون في أمتي خسف ومسخ وقذف بالحجارة) وقيل: مشركو العرب. وقيل: قوم لوط أي: لم تكن الحجارة تخطئهم. وفي الحديث: (سيكون في أواخر أمتي قوم يكتفي رجالهم بالرجال والنساء بالنساء فإذا كان كذلك فارتقبوا عذاب قوم لوط أن يرسل الله عليهم حجارة من سجيل ثم تلا وما هي من الظالمين ببعيد) وإذا كان الضمير في قوله: وما هي، عائد على الحجارة، فيحتمل أن يراد بشيء بعيد، ويحتمل أن يراد بمكان بعيد، لأنها وإن كانت في السماء وهي مكان بعيد إلا أنها إذا هويت منها فهي أسرع شيء لحوقا بالمرمى، فكأنها بمكان قريب منه.
2 (* (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إلاه غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنىأراكم بخير وإنىأخاف عليكم عذاب يوم محيط * وياقوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشيآءهم ولا تعثوا فى الا رض مفسدين * بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ومآ أنا عليكم بحفيظ * قالوا ياشعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد ءاباؤنآ أو أن نفعل فىأموالنا ما نشؤا إنك لانت الحليم الرشيد * قال ياقوم أرءيتم إن كنت على بينة من ربى ورزقنى منه رزقا حسنا ومآ أريد أن أخالفكم إلى مآ أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقىإلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب * وياقوم لا يجرمنكم شقاقىأن يصيبكم مثل مآ أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد * واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربى رحيم ودود * قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك ومآ أنت علينا بعزيز * قال ياقوم أرهطىأعز عليكم من الله واتخذتموه ورآءكم ظهريا إن ربى بما تعملون محيط * وياقوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إنى معكم رقيب * ولما جآء أمرنا نجينا شعيبا والذين ءامنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيهآ ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود * ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملإيه فاتبعوا أمر فرعون ومآ أمر فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود * وأتبعوا فى هاذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود * ذالك من أنبآء القرى نقصه عليك منها قآئم وحصيد * وما ظلمناهم ولاكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم ءالهتهم التى يدعون من دون الله من شىء لما جآء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب * وكذالك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد * إن فى ذالك لآية لمن خاف عذاب الا خرة ذالك يوم مجموع له الناس وذالك يوم مشهود * وما نؤخره إلا لاجل معدود * يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقى وسعيد * فأما الذين شقوا ففى النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها ما دامت السماوات والا رض إلا ما شآء ربك إن ربك فعال لما يريد * وأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والا رض إلا ما شآء ربك عطآء غير مجذوذ) *)) *
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»