انتهى. وهي نزعة اعتزالية، وهم يستبشرون بما تضمنته من رحمة الله ورضوانه. وأما الذين في قلوبهم مرض هم المنافقون، والصحة والمرض في الأجسام، فنقل إلى الاعتقاد مجازا والرجس القذر، والرجس العذاب، وزيادته عبارة عن تعمقهم في الكفر وخبطهم في الضلال. وإذا كفروا بسورة. فقد زاد كفرهم واستحكم وتزايد عقابهم. قال قطرب والزجاج: أراد كفرا إلى كفرهم. وقال مقاتل: إثما إلى إثمهم. وقال السدي والكلبي: شكا إلى شكهم. وقال ابن عباس: أراد ما أعد لهم من الخزي والعذاب المتجدد عليهم في كل وقت في الدنيا والآخرة، وأنتج نزول السورة للمؤمنين شيئين: زيادة الإيمان، والاستبشار بما لهم عند الله. وللذين في قلوبهم مرض زيادة رجس، والموافاة على الكفر أذاهم كفرهم الأصلي، والزيادة إلى أن ماتوا على الكفر.
* (أو لا * يرون أنهم يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) *: لما ذكر أنهم بموتهم على الكفر رائحون إلى عذاب الآخرة، ذكر أنهم أيضا في الدنيا لا يخلصون من عذابها. والضمير في يرون عائد على الذين في قلوبهم مرض، وذلك على قراءة الجمهور بالياء. وقرأ حمزة: بالتاء خطابا للمؤمنين. والرؤية يحتمل أن تكون من رؤية القلب، ومن رؤية البصر. وقرأ أبي وابن مسعود، والأعمش: أو لا ترى أي أنت يا محمد؟ وعن الأعمش أيضا: أو لم تروا؟ وقال أبو حاتم عنه: أو لم يروا؟ قال مجاهد: يفتنون، يختبرون بالسنة والجوع. وقال النقاش عنه: مرضه أو مرضتين. وقال الحسن وقتادة: يحتبرون بالأمر بالجهاد. قال ابن عطية: والذي يظهر مما قبل الآية ومما بعدها أن الفتنة والاختبار إنما هي بكشف الله أسرارهم وإفشائه عقائدهم، فهذا هو الاختبار الذي تقوم عليه الحجة برؤيته وترك التوبة. وأما الجهاد أو الجوع فلا يترتب معهما ما ذكرناه، فمعنى الآية على هذا: أفلا يزدرج هؤلاء الذين تفضح سرائرهم كل سنة مرة أو مرتين بحسب واحد واحد، ويعلمون أن ذلك من عند الله فيتوبون، ويذكرون وعد الله ووعيده انتهى. وقاله مختصرا مقاتل قال: يفضحون بإظهار نفاقهم، وأما الاختبار بالمرض فهو في المؤمنين، وقد كان الحسن ينشد:
* أفي كل عام مرضة ثم نقهة * فحتى متى حتى متى وإلى متى * وقالت فرقة: معنى يفتنون بما يشبعه المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم) من الأكاذيب والأراجيف، وأن ملوك الروم قاصدون بجيوشهم وجموعهم إليهم، وإليه الإشارة بقوله: * (لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض) * فكان الذين في قلوبهم مرض يفتنون في ذلك. وحكى الطبري هذا القول عن حذيفة، وهو غريب من المعنى. وقال الزمخشري: يفتنون يبتلون بالمرض والقحط وغيرهما من بلاء الله تعالى، ثم لا ينتهون ولا يتوبون من نفاقهم، ولا يذكرون ولا يعتبرون ولا ينظرون في أمرهم، أو يبتلون بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ويعاينون أمره وما ينزل الله تعالى عليه من النصر وتأييده، أو يفتنهم الشيطان فيكذبون وينقضون العهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيقتلهم وينكل بهم، ثم لا ينزجرون. وقرأ ابن مسعود: ولا هم يتذكرون