وقال: * (أعزة على الكافرين) * وقال في زناة المؤمنين: * (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر * (. قال ابن عطية: وقوله من أنفسكم، يقتضي مدحا لنسب النبي صلى الله عليه وسلم) وأنه من صميم العرب وأشرفها، وينظر إلى هذا المعنى قوله عليه السلام: * (إن الله اصطفى كناية من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم) * ومنه قوله صلى الله عليه وسلم): (إني من نكاح ولست من سفاح) معناه أن نسبه صلى الله عليه وسلم) إلى آدم عليه السلام لم يكن النسل فيه إلا من نكاح ولم يكن فيه زنا انتهى. وصف الله نبيه عليه السلام بستة: أوصاف الرسالة وهي صفة كمال الإنسان لما احتوت عليه من كمال ذات الرسول وطهارة نفسه الزكية، وكونه من الخيار بحيث أهل أن يكون واسطة بين الله وبين خلقه، ولما كانت هذه الصفة أشرف بدىء بذكرها. وكونه من أنفسهم وهي صفة مؤثرة في التبليغ والفهم عنه والتآنس به، فإن كان خطابا للعرب ففي هذه الصفة التنبيه على شرفهم والتحريض على اتباعه، وإن كان الخطاب لبني آدم ففيه التنويه بهم واللطف في إيصال الخبر إليهم، وأنه معروف بينهم بالصدق والأمانة والعفاف والصيانة. وكونه يعز عليه ما يشق عليكم، فهذا الوصف من نتائج الرسالة. ومن كونه من أنفسهم، لأن من كان منك وادلك الخير وصعب عليه إيصال ما يؤذي إليك وكونه حريصا على هدايتهم، وهو أيضا من نتائج الرسالة، لأنه بعث ليعبد الله ويفرد بالألوهية. وكونه رؤوفا رحيما بالمؤمنين، وهما وصفان من نتائج التبعية له، والدخول في دين الله. * (إنما المؤمنون إخوة) * * (المؤمن) *.
وقرأ ابن عباس، وأبو العالية، والضحاك، وابن محيصن، ومحبوب، عن أبي عمرو وعبد الله بن قسيط المكي، ويعقوب من بعض طرقه: من أنفسكم بفتح الفاء. ورويت هذه القراءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وعن فاطمة، وعائشة رضي الله عنهما، والمعنى: من أشرفكم وأعزكم، وذلك من النفاسة، وهو راجع لمعنى النفس، فإنها أعز الأشياء. والظاهر أن ما مصدرية في موضع الفاعل بعزيز أي: يعز عليه مشقتكم كما قال:
* يسر المرء ما ذهب الليالي * وكان ذهابهن له ذهابا * أي يسر المرء ذهاب الليالي. ويجوز أن يكون ما عنتم مبتدأ أي: عنتكم عزيز عليه، وقدم خبره، والأول أعرب. وأجاز الحوفي أن يكون عزيز مبتدأ، وما عنتم الخبر، وأن تكون ما بمعنى لذي، وأن تكون مصدرية، وهو إعراب دوب الإعرابين السابقين. وقال ابن القشيري: عزيز صفة للنبي صلى الله عليه وسلم)، وإنما وصف بالعزة لتوسطه في قومه وعراقة نسبه وطيب جرثومته، ثم استأنف فقال: عليه ما عنتم أي: يهمه أمركم انتهى. والعنت: تقدم شرحه في البقرة في قوله * (خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لاعنتكم) *. وقال ابن عباس: هنا مشقتكم. وقال الضحاك: إثمكم. وقال