تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٦
الفم قاله مجاهد وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وقد يشارك الأنف يريدون أن يشغلوا بذلك الرسول عن الصلاة، وقال ابن جبير وابن زيد: التصدية صدهم عن البيت، وقال ابن بحر: إن صلاتهم ودعاءهم غير رادين عليهم ثوابا إلا كما يجيب الصدى الصائح فتلخص في معنى الآية ثلاثة أقوال: أحدها: ما ظاهره أن الكفار كانت لهم صلاة وتعبد وذلك هو المكاء والتصدية، والثاني: أنه كانت لهم صلاة ولا جدوى لها ولا ثواب فجعلت كأنها أصوات الصدا حيث لها حقيقة، والثالث: أنه لا صلاة لهم لكنهم أقاموا مقامها المكاء والتصدية، وقال بعض شيوخنا: أكثر أهل العلم على أن الصلاة هنا هي الطواف وقد سماه الرسول صلى الله عليه وسلم) صلاة، وقرأ إبان بن تغلب وعاصم والأعمش بخلاف عنهما صلاتهم بالنصب الإمكاء وتصدية بالرفع وخطا قوم منهم أبو علي الفارسي هذه القراءة لجعل المعرفة خبرا والنكرة اسما قالوا: ولا يجوز ذلك إلا في ضرورة كقوله:
يكون مزاجها عسل وماء وخرجها أبو الفتح على أن المكاء والتصدية اسم جنس واسم الجنس تعريفه وتنكيره واحد انتهى، وهو نظير قول من جعل نسلخ صفة لليل في قوله * (وءاية لهم اليل نسلخ منه النهار) * ويسبني صفة للئيم في قوله:
ولقد أمر على اللئيم يسبني وقرأ أبو عمر وفيما روي عنه إلا مكابا لقصر منونا فمن مد فكالثغاء والرغاء ومن قصر فكالبكا في لغة من قصر والعذاب في قوله فذوقوا العذاب، قيل هو في الآخرة، وقيل هو قتلهم وأخذ غنائمهم ببدر وأسرهم، قال ابن عطية: فيلزم أن تكون هذه الآية الأخيرة نزلت بعد بدر ولا بد، والأشبه أن الكل بعد بدر حكاية عن ماض وكون عذابهم بالقتل يوم بدر هو قول الحسن والضحاك وابن جريج.
* (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون) * قال مقاتل والكلبي
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»