العموم، وقيل: نزلت في طائفة من بني عبد الدار كانوا يقولون: نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد لا نسمعه ولا نجيبه فقتلوا جميعا ببدر وكانوا أصحاب اللواء، وقال ابن جريج هم المنافقون، وقال الحسن: هم أهل الكتاب.
* (ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) * قال ابن عطية: أخبر تعالى بأن عدم سماعهم وهداهم إنما هو بما علمه الله منهم وسبق من قضائه عليهم فخرج ذلك في عبارة بليغة في ذمهم ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم والمراد لأسمعهم إسماع تفهم وهدى ثم ابتدأ عز وجل الخبر عنهم بما هو عليه من ختمه عليهم بالكفر فقال: ولو أسمعهم أي ولو فهمهم لتولوا وهم معرضون بالقضاء السابق فيهم ولأعرضوا عما تبين لهم من الهدي، وقال الزمخشري: ولو علم الله في هؤلاء الصم البكم خيرا أي انتفاعا باللطف لأسمعهم اللطف بهم حتى سمعوا سماع المصدقين ثم قال ولو أسمعهم لتولوا يعني ولو لطف بهم لما نفعهم اللطف فلذلك منعهم ألطافه أي ولو لطف أي ولو لطف بهم فصدقوا لارتدوا بعد ذلك وكذبوا ولم يستقيموا، وقال الزجاج: لأسمعهم جواب كلما سألوا، وحكى ابن الجوزي: لأسمعهم كلام الموتى الذين طلبوا إحياءهم لأنهم طلبوا إحياء قصي بن كلاب وغيره ليشهدوا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم)، وقال أبو عبد الله الرازي: التعبير عن عدمه في نفسه بعدم علم الله بوجوده وتقدير الكلام لو حصل فيهم خير لأسمعهم الله الحجج والمواعظ سماع تعليم مفهم ولو أسمعهم إذ علم أنه لا خير فيهم لم ينتفعوا بها وتولوا وهم معرضون، وقال أيضا: معلومات الله على أربعة أقسام. أحدها: جملة الموجودات، الثاني: جملة المعدومات، الثالث: إن كان كل واحد من الموجودات لو كان معدوما فكيف حاله، الرابع: إن كان كل واحد من المعدومات لو كان موجودا فكيف حاله فالقسمان الأولان علم بالواقع والقسمان الثانيان علم بالمقدور الذي هو غير واقع فقوله ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم من القسم الثاني وهو العلم بالمقدورات وليس من أقسام العلم بالواقعات، ونظيره قوله تعال حكاية عن المنافقين لئن أخرجتم لنخرجن معكم وإن قوتلتم لننصرنكم فقال تعالى لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون فعلم الله تعالى في المعدوم أنه لو كان موجودا كيف يكون حاله وأيضا قوله ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه أخبر عن المعدوم أنه لو كان موجودا كيف يكون حاله انتهى. وأقول: ظاهر هاتين الملازمتين يحتاج إلى تأويل لأنه أخبر أنه كان يقع إسماع منه لهم على تقدير علمه خيرا فيهم ثم أخبر إنه كان يقع توليهم على تقدير إسماعهم إياهم فأنتج أنه كان يقع توليهم على تقدير علمه تعالى خيرا فيهم وذلك بحرف الواسطة لأن المرتب على شيء يكون مرتبا على ما رتب عليه ذلك الشيء وهذا لا يكون لأنه لا يقع التولي على تقدير علمه فيهم خيرا ويصير الكلام في الجملتين في تقدير كلام واحد فيكون التقدير ولو علم الله فيهم خيرا فأسمعهم لتولوا ومعلوم أنه لو علم فيهم خيرا ما تولوا.
* (معرضون يأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) * تقدم الكلام في استجاب في فليستجيبوا لي وأفرد الضمير في دعاكم كما أفرده في ولا تولوا عنه لأن ذكر أحدهما مع الآخر إنما هو على سبيل التوكيد والاستجابة هنا الامتثال والدعاء بمعنى التحريض والبعث على ما فيه حياتهم وظاهر استجيبوا الوجوب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم): لأبي حين دعاه وهو في الصلاة متلبث: ما منعك عن الاستجابة ألم تخبر فيما أوحي إلي استجيبوا الله وللرسول؟ والظاهر تعلق لما بقوله دعاكم ودعا يتعدى باللام. قال: