والمؤمنون بينهم يستغفرون، قال ابن عطية: ويدفع في صدر هذا القول أن المؤمنين الذين رد الضمير إليهم لم يجر لهم ذكر، وقال ابن عباس أيضا ما مقتضاه إن الضمير بن عائدان على الكفار وكانوا يقولون في دعائهم غفرانك ويقولون لبيك لا شريك لك ونحو هذا مما هو دعاء واستغفار فجعله الله أمنة من عذاب الدنيا على هذا تركب قول أبي موسى الأشعري وابن عباس إن الله جعل من عذاب الدنيا أمنتين كون الرسول صلى الله عليه وسلم) مع الناس والاستغفار فارتفعت الواحدة وبقي الاستفغار إلى يوم القيامة، وقال الزجاج وحكى عن ابن عباس وهم يستغفرون عائد على الكفار والمراد به من سبق له في علم الله أن يسلم ويستغفر فالمعنى وما كان الله ليعذب الكفار ومنهم من يستغفر ويؤمن في ثاني حال، وقال مجاهد وهم يستغفرون أي وذريتهم يستغفرون ويؤمنون فأسند إليهم إذ ذريتهم منهم والاستغفار طلب الغفران، وقال الضحاك ومجاهد: معنى يستغفرون يصلون، وقال عكرمة ومجاهد أيضا: يسلمون وظاهر قوله وهم يستغفرون أنهم ملتبسون بالاستغفار أي هم يستغفرون فلا يعذبون كما أن الرسول فيهم فلا يعذبون فكلا الحالين موجود كون الرسول فيهم واستغفارهم، وقال الزمخشري وهم يستغفرون في موضع الحال ومعناه نفي الاستغفار عنهم أي ولو كانوا ممن يؤمن ويستغفر من الكفر لما عذبهم كقوله تعالى * (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) * ولكنهم لا يستغفرون ولا يؤمنون ولا يتوقع ذلك منهم انتهى، وما قاله تقدمه إليه غيره، فقال: المعنى وهم بحال توبة واستغفار من كفرهم أن لو وقع ذلك منهم، واختاره الطبري وهو مروي عن قتادة وابن زيد.
* (وما لهم * أن لا * يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياءه إلا المتقون ولاكن أكثرهم لا يعلمون) *. الظاهر أن ما استفهامية أي أي شيء لهم في انتفاء العذاب وهو استفهام معناه التقرير أي كيف لا يعذبون وهم متصفون بهذه الحالة المتقضية للعذاب وهي صدهم المؤمنين عن المسجد الحرام وليسوا بولاة البيت ولا متأهلين لولابته ومن صدهم ما فعلوا بالرسول صلى الله عليه وسلم) عام الحديبية وإخراجه مع المؤمنين داخل في الصد كانوا يقولون نحن ولاة البيت نصد من نشاء وندخل من نشاء وأن مصدرية، وقال الأخفش: هي زائدة، قال النحاس: لو كان كما قال لرفع تعذيبهم انتهى، فكان يكون الفعل في موضع الحال كقوله: وما لنا لا نؤمن بالله وموضع إن نصب أو جر على الخلاف إذ حذف منه اني وهي تتعلق بما تعلق به لهم أي أي شيء كائن أو مستقر لهم في أن لا يعذبهم الله والمعنى لاحظ لهم في انتفاء العذاب وإذا انتفى ذلك فهم معذبون ولا بد وتقدير الطبري وما يمنعهم من أن يعذبوا هو تفسير معنى لا تفسير إعراب وكذلك ينبغي أن يتأول كلام ابن عطية أن التقدير وما قدرتهم ونحوه من الأفعال موجب أن يكون في موضع نصب والظاهر عود الضمير في أولياءه على المسجد لقربه وصحة المعنى، وقيل ما للنفي فيكون إخبارا أي وليس لهم أن لا يعذبهم الله أي ليس ينتفي العذاب عنم مع تلبسهم بهذه الحال، وقيل الضمير في أولياءه عائد على الله تعالى، وروي عن الحسن والظاهر أن قوله وما كانوا أولياءه استئناف إخبار أي وما استحقوا أن يكونوا ولاة أمره إن أولياؤه إلا المتقون أي المتقون للشرك وقال الزمخشري: إلا المتقون من المسلمين ليس كل مسلم أيضا ممن يصلح أن يلي أمره إنما يستأهل ولايته من كان برا تقيا فكيف عبدة الأصنام انتهى؟ ويجوز أن يكون وما كانوا أولياءه معطوفا على وهم يصدون فيكون حالا والمعنى كيف لا يعذبهم الله وهم متصفون بهذين الوصفين صدهم عن المسجد الحرام وانتفاء كونهم أولياءه أو أولياءه أي أولياء المسجد أي ليسوا ولاته فلا ينبغي أن يصدوا عنه أو أولياء الله فهو كفار فيكون قد ارتقى من حال إلى أعظم منها وهو كونهم ليسوا مؤمنين فمن كان صادا عن المسجد كافرا بالله فهو