الأجسام وقد ورد أن الموزون هي الصحائف التي أثبتت فيها الأعمال، فيحدث الله تعالى فيها ثقلا وخفة وما ورد في هيئته وطوله وأحواله لم يصح إسناده وجمعت الموازين باعتبار الموزونات والميزان واحد، هذا قول الجمهور. وقال الحسن لكل أحد يوم القيامة ميزان على حدة وقد يعبر عن الحسنات بالموازين فيكون ذلك على حذف مضاف أي من ثقلت كفه موازينه أي موزوناته فيكون موازين جميع موزون لا جمع ميزان، وكذلك ومن خفت كفة حسناته و * (الوزن) * مبتدأ وخبره ظرف الزمان والتقدير والوزن كائن يوم أن نسألهم ونقص عليهم وهو يوم القيامة و * (الحق) * صفة للوزون ويجوز أن يكون * (يومئذ) * ظرفا للوزن معمولا له و * (الحق) * خبر ويتعلق * (بئاياتنا) * بقوله * (يظلمون) * لتضمنه معنى يكذبون أو لأنها بمعنى يجحدون وجحد تعدى بالباء قال: * (وجحدوا بها) * والظاهر أن هذا التقسيم هو بالنسبة للمؤمنين من أطاع ومن عصى وللكفار فتوزن أعمال الكفار. وقال قوم: لا ينصب لهم ميزان ولا يحاسبون لقوله * (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) * وإنما توزن أعمال المؤمن طائعهم وعاصيهم.
* (ولقد مكناكم فى الارض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون) * تقدم معنى * (مكناكم) * في قوله في أول الأنعام * (مكناهم فى الارض) * والخطاب راجع للذين خوطبوا بقوله تعالى * (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) * وما بينهما أورد مورد الاعتبار والإيقاظ بذكر ما آل إليه أمرهم في الدنيا وما يؤول إليه في الآخرة والمعائش جمع معيشة ويحتمل أن يكون وزنها مفعلة ومفعلة بكسر العين وضمها قالهما سيبويه. وقال الفراء: معيشة بفتح عين الكلمة والمعيشة ما يعاش به من المطاعم والمشارب وغيرهما مما يتوصل به إلى ذلك وهي في الأصل مصدر تنزل منزلة الآلات. وقيل على حذف مضاف التقدير أسباب معايش كالزرع والحصد والتجارة وما يجري مجرى ذلك وسماها معايش لأنها وصلة إلى ما يعاش به، وقيل المعائش وجوه المنافع وهي إما يحدثه الله ابتداء كالثمار أو ما يحدثه بطريق اكتساب من العدو وكلاهما يوجب الشكر، وقرأ الجمهور: * (معايش) * وهو القياس لأن الياء في المفرد هي أصل لا زائدة فتهمز وإنما تهمز الزائدة نحو: صحائف في صحيفة، وقرأ الأعرج وزيد بن علي والأعمش وخارجة عن نافع وابن عامر في رواية: معائش بالهمزة وليس بالقياس لكنهم رووه وهم ثقات فوجب قبوله وشذ هذا الهمز، كما شذ في منابر جمع منارة وأصلها منورة وفي مصائب جمع مصيبة وأصلها مصوبة وكان القياس مناور ومصاوب. وقد قالوا مصاوب على الأصل كما قالوا في جمع مقامة مقاوم ومعونة معاون، وقال الزجاج: جميع نحاة البصرة تزعم أن همزها خطأ ولا أعلم لها وجها إلا التشبيه بصحيفة وصحائف ولا ينبغي التعويل على هذه القراءة. وقال المازني: أصل أخذ هذه القراءة عن نافع ولم يكن يدري ما العربية وكلام العرب التصحيح في نحو هذا انتهى. ولسنا متعبدين بأقوال نحاة البصرة. وقال الفراء: ربما همزت العرب هذا وشبهه يتوهمون أنها فعلية فيشبهون مفعلة بفعيلة انتهى. فهذا نقل من الفراء عن العرب أنهم ربما يهمزون هذا وشبهه وجاء به نقل القراءة الثقات ابن عامر وهو عربي صراح وقد أخذ القرآن عن عثمان قبل ظهور اللحن والأعرج وهو من كبار قراء التابعين وزيد بن علي وهو من الفصاحة والعلم بالمكان الذي قل أن يدانيه في ذلك أحد، والأعمش وهو من الضبط والإتقان والحفظ والثقة بمكان، ونافع وهو قد قرأ على سبعين من التابعين وهم من الفصاحة والضبط والثقة بالمحل الذي لا يجهل، فوجب قبول ما نقلوه إلينا ولا مبالاة بمخالفة نحاة البصرة في مثل هذا، وأما قول المازني أصل أخذ هذه القراءة عن نافع فليس بصحيح لأنها نقلت عن ابن عامر وعن الأعرج وزيد بن علي والأعمش وأما قوله إن نافعا لم يكن يدري ما العربية فشهادة على النفي ولو فرضنا أنه لا يدري ما العربية وهي هذه الصناعة التي يتوصل بها إلى التكلم بلسان العرب فهو لا يلزمه ذلك إذ هو فصيح