كي. وقيل: لام العاقبة والصيرورة.
* (وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون) * أي وباله يحيق بهم كما قال ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله * (وما يشعرون) * يحيق ذلك بهم ولا يعني شعورهم على الإطلاق وهو مبالغة في نفي العلم إذ نفى عنهم الشعور الذي يكون للبهائم.
* (وإذا جاءتهم ءاية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله) * قال مقاتل: روي أن الوليد بن المغيرة قال: لو كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك لأني أكبر منك سنا وأكثر منك مالا. روي أن أبا جهل قال: زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يوحى إليه والله لا نرضى به ولا نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه فنزلت ونحوه، بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة والآية العلامة على صدق الرسول والضمير في * (جاءتهم) * عائد على الأكابر قاله الزجاج. وقال غيره: يعود على المجادلين في أكل الميتة وتغيية إيمانهم بقوله: * (حتى) * دليل على تمحلهم في دعواهم واستبعاد منهم أن الإيمان لا يقع منهم البتة إذ علقوه بمستحيل عندهم، وقولهم: * (أوتى رسل الله) * ليس فيه إقرار بالرسل من الله وإنما قالوا ذلك على سبيل التهكم والاستهزاء، ولو كانوا موقنين وغير معاندين لاتبعوا رسل الله والمثلية كونهم يجري على أيديهم المعجزات فتحيى لهم الأموات ويفلق لهم البحر ونحو ذلك، كما جرت على أيدي الرسل أو النبوة أو جبريل والملائكة أو انشقاق القمر أو الدخان أو آية من القرآن تأمرهم بالإيمان أقوال آخرها للحسن وابن عباس، وفيه تأمرهم باتباع الرسول وأولاها النبوة والرسالة لقوله: * (الله أعلم) * حيث يجعل رسالاته فظاهره يدل على أنه المثلية هي في الرسالة. وقال الماتريدي: أخبر عن غاية سفههم وأنهم ينكرون رسالته عن علم بها ولولا ذلك ما تمنوا أن يؤتوا مثل ما أوتي انتهى؛ ولم يتمنوا ذلك إنما أخبروا أنهم لا يؤمنون حتى يؤتوا مثل ما أوتي الرسل فعلقوا ذلك على ممتنع وقصدوا بذلك أنهم لا يؤمنون البتة.
* (الله أعلم حيث يجعل) * هذا استئناف إنكارعليهم وأنه تعالى لا يصطفي للرسالة إلا من علم أنه يصلح لها وهو أعلم بالجهة التي يضعها فيها وقد وضعها فيمن اختاره لها وهو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم) دون أكابر مكة كأبي جهل والوليد بن المغيرة ونحوهما. وقيل: الأبلغ في تصديق الرسل أن لا يكونوا قبل البعث مطاعين في قومهم لأنهم إن كانوا مطاعين قبل اتبعوا لأجل الطاعة السابقة وقالوا: حيث لا يمكن إقرارها على الظرفية هنا. قال الحوفي: لأنه تعالى لا يكون في مكان أعلم منه في مكان فإذا لم تكن ظرفا كانت مفعولا على السعة والمفعول على السعة لا يعمل فيه أعلم لأنه لا يعمل في المفعولات فيكون العامل فيه فعل دل عليه أعلم. وقال أبو البقاء: والتقدير يعلم موضع رسالاته وليس ظرفا لأنه يصير التقدير يعلم في هذا المكان كذا وليس المعنى عليه، وكذا قدره ابن عطية. وقال التبريزي: * (الساحر حيث) * هنا اسم لا ظرف انتصب انتصاب المفعول كما في قول الشماخ:
* وحلأها عن ذي الأراكة عامر * أخو الخضر يرمي حيث تكوى النواحر * فجعل مفعولا به لأنه ليس يريد أنه يرمي شيئا حيث تكوى النواحر، إنما يريد أنه يرمي ذلك الموضع؛ انتهى. وما قاله من أنه مفعول به على السعة أو مفعول به على غير السعة تأباه قواعد النحو، لأن النحاة نصوا على أن * (حيث) * من الظروف التي لا تتصرف وشذ إضافة لدى إليها وجرها بالياء ونصوا على أن الظرف الذي يتوسع فيه لا يكون إلا متصرفا وإذا كان الأمر كذلك امتنع نصب * (حيث) * على المفعول به لا على السعة ولا على غيرها، والذي يظهر لي يجعل رسالته