الدخول فيه، * (ومن يرد أن يضله) * أن يخذله ويخليه وشأنه وهو الذي لا لطف له * (يجعل صدره ضيقا حرجا) * يمنعه ألطافه حتى يقسو قلبه وينبو عن قبول الحق وينسد فلا يدخله الإيمان؛ انتهى. وهذا كله إخراج اللفظ عن ظاهره وتأويل على مذهب المعتزلة والجملة التشبيهية معناها أنه كما يزاول أمرا غير ممكن لأن صعود السماء مثل فيما يبعد ويمتنع من الاستطاعة ويضيق عليه عند المقدرة قاله الزمخشري. وهو قريب من تأويل ابن جريج وعطاء الخراساني والسدي قالوا: أي كان هذا الضيق الصدر الحرج يحاول الصعود في السماء حتى حاول الإيمان أو فكر فيه ويجد صعوبته عليه كصعوبة الصعود في السماء؛ انتهى. ولامتناع ذلك عندهم حكى الله عنهم أنهم اقترحوا قولهم أو ترقى في السماء. وقال ابن جبير: المعنى لا تجد مسلكا إلا صعدا من شدة التضايق، يريد ضاقت عليه الأرض فظل مصعدا إلى السماء. وقيل: المعنى أنه عازب الرأي طائر القلب في الهواء كما يطير الشيء الخفيف عند عصف الرياح. وقرأ ابن كثير: * (ضيقا) * هنا وفي الفرقان فاحتمل أن يكون مخففا من ضيق كما قالوا لين. وقال الكسائي: الضيق بالتشديد في الإجرام وبالتخفيف في المعاني، واحتمل أن يكون مصدرا قالوا في مصدر ضاق ضيق بفتح الضاد وكسرها بمعنى واحد فإما ينسب إلى الصدر على المبالغة أو على معنى الإضافة، أي ذا ضيق أو على جعله مجازا عن اسم الفاعل وهذا على الأوجه الثلاثة المقولة في نعت الإجرام بالمصادر. وقرأ نافع وأبو بكر * (حرجا) * بفتح الراء وهو مصدر أي ذاحرج جأو جعل نفس الحرج، أو بمعنى حرج بكسر الراء ورويت عن عمر وقرأها له ثمة بعض الصحابة بالكسر. فقال: ابغوني رجلا من كنانة راعيا ولكن من بني مدلج فلما جاءه قال: يا فتى ما الحرجة عندكم؟ قال: الشجرة تكون بين الأشجار لا يصل إليها راعية ولا وحشية، فقال عمر: كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير؛ انتهى. وهذا تنبيه والله أعلم على جهة اشتقاق الفعل من نفس العين كقولهم: استحجر واستنوق. وقرأ ابن كثير * (يصعد) * مضارع صعد. وقرأ أبو بكر يصاعد أصله يتصاعد فأدغم. وقرأ باقي السبعة * (يصعد) * بتشديد الصاد والعين وأصله يتصعد، وبها قرأ عبد الله وابن مصرف والأعمش. وقال أبو علي: * (كأنما يصعد) * من سفل إلى علو ولم يرد السماء المظلة بعينها كما قال سيبويه والقيدود الطويل في غير سماء أي في غير ارتفاع. وقال ابن عطية: ويحتمل أن يكون التشبيه بالصاعد في عقبة كؤود كأنه يصعد بها في الهواء، ويصعد معناه يعلو ويصعد معناه يتكلف من ذلك ما يشق عليه ومنه قول عمر بن الخطاب: ما تصعدني شيء كما تصعدني خطبة النكاح وروي ما تصعدني خطبة.
* (كذالك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) * أي مثل ذلك الجعل جعله الصدر * (ضيقا حرجا) * ويبعد ما قاله الزجاج: أي مثل ما قصصنا عليك * (يجعل) * ومعنى يجعل الله الرجس يلقى الله أو يصير الله العذاب والرجس بمعنى العذاب قاله أهل اللغة. وتعدية * (يجعل) * بعلى يحتمل أن يكون معناه نلقي كما تقول: جعلت متاعك بعضه على بعض وأن تكون بمعنى يصير وعلى في موضع المفعول الثاني. وقال الزمخشري: * (يجعل) * الله يعني الخذلان ومنع التوفيق وصفه بنقيض ما يوصف به التوفيق من الطيب أو أراد الفعل المؤدي إلى الرجس وهو العذاب من الارتجاس وهو الاضطراب؛ انتهى. وهو على طريقة الاعتزالي ونقيض الطيب النتن الرائحة الكريهة، والرجس والنجس بمعنى واحد قاله بعض أهل الكوفة. وقال مجاهد: الرجس كل ما لا خير فيه. وقال عطاء وابن زيد وأبو عبيدة: الرجس العذاب في الدنيا والآخرة. وقال الزجاج: اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة، وقيل: الرجس السخط. وقال إسماعيل الضرير: الرجس التعذيب وأصله النتن النجس وهو رجاسة الكفر.
* (وهاذا صراط ربك مستقيما) * الإشارة بقوله: * (وهاذا) * إلى القرآن والشرع الذي جاء به الرسول