من الفاعل، أصله وسع علم ربي كل شيء.
* (أفلا تتذكرون) * تنبيه لهم على غفلتهم حيث عبدوا ما لا يضر ولا ينفع، وأشركوا بالله وعلى ما حاجهم به من إظهار الدلائل التي أقامها على عدم صلاحية هذه الأصنام للربوبية. وقال الزمخشري: * (أفلا تتذكرون) * فتميزوا بين الصحيح والفاسد والقادر والعاجز، وقيل: أفلا تتعظون بما أقول لكم، وقال عبد الله الرازي: * (أفلا تتذكرون) * أن نفي الشركاء والأضداد والأنداد عن الله لا يوجب حلول العذاب ونزول العقاب.
* (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا) * استفهام معناه التعجب والإنكار كأنه تعجب من فساد عقولهم حيث خوفوه خشبا وحجارة لا تضر ولا تنفع، وهم لا يخافون عقبي شركهم بالله وهو الذي بيده النفع والضر والأمر كله * (ولا تخافون) * معطوف على * (أخاف) * فهو داخل في التعجب والإنكار واختلف متعلق الخوف فبالنسبة إلى إبراهيم علق الخوف بالأصنام وبالنسبة إليهم علقه بإشراكهم بالله تعالى تركا للمقابلة، ولئلا يكون الله عديل أصنامهم لو كان التركيب ولا تخافون الله تعالى وأتى بلفظ * (ما) * الموضوعة لما لا يعقل لأن الأصنام لا تعقل إذ هي حجارة وخشب وكواكب، والسلطان الحجة والإشراك لا يصح أن يكون عليه حجة وكأنه لما أقام الدليل العقلي على بطلان الشركاء وربوبيتهم، نفى أيضا أن يكون على ذلك دليل سمعي فالمعنى أن ذلك ممتنع عقلا وسمعا فوجب اطراحه، وقرئ سلطانا بضم اللام والخلاف هل ذلك لغة فيثبت به بناء فعلان بضم الفاء والعين أو هو اتباع فلا يثبت به.
* (فأى الفريقين أحق بالامن إن كنتم تعلمون) * لما خوفوه في مكان الأمن ولم يخافوا في مكان الخوف أبرز الاستفهام في صورة الاحتمال وإن كان قد علم قطعا أنه هو الآمن لاهم كما قال الشاعر:
* فلئن لقيتك خاليين لتعلمن * أني وايك فارس الأحزاب * أي أينا ومعلوم عنده أنه هو فارس الأحزاب لا المخاطب وأضاف أيا إلى الفريقين، ويعني فريق المشركين وفريق الموحدين وعدل عن أينا أحق بالأمن أنا أم أنتم احترازا من تجريد نفسه فيكون ذلك تزكية لها، وجواب الشرط محذوف أي إن كنتم من ذوي العلم والاستبصار فأخبروني أي هذين الفريقين أحق بالأمن.
* (الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون) * الظاهر أنه من كلام إبراهيم لما استفهمهم استفهام عالم بمن هو الآمن وأبرزه في صورة السائل الذي لا يعلم استأنف الجواب عن السؤال، وصرح بذلك المحتمل فقال: الفريق الذي هو أحق بالأمن هم الذين آمنوا، وقيل: هو من كلام قوم إبراهيم أجابوا بما هو حجة عليهم، وقيل: هو من كلام الله أمر إبراهيم أن يقوله لقومه أو قاله على جهة فصل القضاء بين خلقه وبين من حاجه قومه، واللبس الخلط والذين آمنوا: إبراهيم وأصحابه وليست في هذه الأمة قاله علي وعنه إبراهيم خاصة أو من هاجر إلى المدينة، قاله عكرمة أو عامة قاله بعضهم وهو الظاهر، والظلم هنا الشرك قاله ابن مسعود وأبي، وعن جماعة من الصحابة أنه لما نزلت أشفق الصحابة وقالوا: أينا لم يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم): (إنما ذلك كما قال لقمان: * (إن الشرك لظلم عظيم) *) ولما قرأها عمر عظمت عليه فسأل أبيا فقال: إنه الشرك يا أمير المؤمنين فسرى عنه وجرى لزيد بن صوحان مع سلمان نحو مما جرى لعمر مع أبي، وقرأ مجاهد: * (ولم يلبسوا