ينكبون به في بعض الأوقات. تمحيص لهم، وترغيب في الشهادة، وحرصهم على الشهادة مما يحرضهم على الجهاد فتحصل الغلبة. انتهى كلامه. وهو نوع من الخطابة والمعنى في الآية واضح جدا لا يحتاج إلى هذا التطويل.
وقرأ الجمهور: لبرز، ثلاثيا مبنيا للفاعل. أي لصاروا في البراز من الأرض. وقرأ أبو حيوة: لبرز مبنيا للمفعول مشدد الراء، عدي برز بالتضعيف. وقرأ الجمهور: كتب مبنيا للمفعول، ورفع القتل. وقرئ: كتب مبنيا للفاعل، ونصب القتل. وقرأ الحسن والزهري: القتال مرفوعا. وتحتمل هذه القراءة الاستغناء عن المنافقين، أي: لو تخلفتم أنتم لبرز المطيعون المؤمنون الذين فرض عليهم القتال، وخرجوا طائعين إلى مواضع استشهادهم، فاستغنى بهم عنكم.
* (وليبتلى الله ما فى صدوركم وليمحص ما فى قلوبكم) * تقدم معنى الابتلاء والتحيص. فقيل: المعنى إن الله فرض عليكم القتال ولم ينصركم يوم أحد ليختبر صبركم، وليمحص عنكم سيئاتكم إن تبتم وأخلصتم. وقيل: ليعاملكم معاملة المختبر. وقيل: ليقع منكم مشاهدة علمه غيبا كقوله: * (فينظر كيف تعملون) *. وقيل: هو على حذف مضاف. أي: وليبتلي أولياء الله ما في صدوركم، فإضافة إليه تعالى تفخيما لشأنه. والواو قيل: زائدة. وقيل: للعطف على علة محذوفة، أي: ليقضي الله أمره وليبتلي. وقال ابن بحر: عطف على ليبتليكم، لما طال الكلام أعاده ثم عطف عليه ليمحص. وقيل: تتعلق اللام بفعل متأخر، التقدير: وليبتلي وليمحص فعل هذه الأمور الواقعة. وكان متعلق الابتلاء ما انطوت عليه الصدور وهي القلوب كما قال: * (ولاكن * تعمى القلوب التى فى الصدور) * ومتعلق التمحيص وهو التصفية والتطهير ما انطوت عليه القلوب من النيات والعقائد.
* (والله عليم بذات الصدور) * تقدم تفسير مثل هذه الجملة، وجاء بها عقيب قوله: وليمحص ما في قلوبكم على معنى: أنه عليم بما انطوت عليه الصدور، وما أضمرته من العقائد، فهو يمحص منها ما أراد تمحيصه.
* (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا) * خطب عمر يوم الجمعة فقرأ آل عمران، وكان يعجبه إذا خطب أن يقرأها، فلما انتهى إلى هذه الآية قال: لما كان يوم أحد فهزمنا مررت حتى صعدت الجبل، فلقد رأيتني انزو كأنني أروى، والناس يقولون: قتل محمد، فقلت: لا أجد أحدا يقول: قتل محمد إلا قتلته، حتى اجتمعنا على الجبل، فنزلت هذه الآية كلها. وقال عكرمة: نزلت فيمن فر من المؤمنين فرارا كثيرا منهم: رافع بن المعلى، وأبو حذيفة بن عتبة، ورجل آخر.
والذين تولوا: كل من ولى الدبر عن المشركين يوم أحد قاله: عمر، وقتادة، والربيع. أو كل من قرب من المدينة وقت الهزيمة قاله السدي. أو رجال بأعيانهم قاله:
ابن إسحاق منهم: عتبة بن عثمان الزرقي، وأخوه سعد وغيرهما، بلغوا الجلعب جبلا بناحية المدينة مما يلي الأعوص فأقاموا به ثلاثا، ثم رجعوا إلى سول الله صلى الله عليه وسلم) فقال لهم: * (لقد) * ولم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) يومئذ إلا ثلاثة عشر رجلا أبو بكر، وعلي، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وباقيهم من الأنصار منهم: أبو طلحة، وظاهر تولوا يدل على مطلق التولي يوم اللقاء، سواء فر إلى المدينة، أم صعد الجبل.
والجمع: اسم جمع. ونص النحويون على أن اسم الجمع لا يثني، لكنه هنا أطلق يراد به معقولية اسم الجمع، بل بعض الخصوصيات. أي: جمع المؤمنين، وجمع المشركين، فلذلك صحت تثنيته. ونظير ذلك قوله: