ابن الحاجب، ولم يذكر ابن الحاجب غيره. وعسى من الله واجبة فلا ترجى فيها، وكلا الوجهين قبله تخريج أبي علي. وخرجه النحاس على أن يكون معطوفا على قوله: * (بالفتح) * بأن يفتح، ويقول: ولا يصح هذا لأنه قد فصل بينهما بقوله: أو أمر من عنده، وحقه أن يكون لغة لأن المصدر ينحل لأن والفعل، فالمعطوف عليه من تمامه، فلا يفصل بينهما. وهذا إن سلم أن الفتح مصدر، فيحل لأن والفعل. والظاهر أنه لا يراد به ذلك، بل هو كقولك: يعجبني من زيد ذكاؤه وفهمه، لا يراد به انحلاله، لأن والفعل وعلى تقدير ذلك فلا يصح أيضا، لأن المعنى ليس على: فعسى الله أن يأتي، بأن يقول الذين آمنوا كذا. ولأنه يلزم من ذلك الفصل بين المتعاطفين بقوله: * (فيصبحوا) * وهو أجنبي من المتعاطفين، لأن ظاهر فيصبحوا أن يكون معطوفا على أن يأتي، ونظيره قولك: هند الفاسقة أراد زيد إذايتها بضرب أو حبس وإصباحها ذليلة، وقول أصحابه: أهذه الفاسقة التي زعمت أنها عفيفة؟ فيكون وقول معطوفا على بضرب. وقال ابن عطية: عندي في منع جواز عسى الله أن يقول المؤمنون نظر، إذ الذين نصرهم يقولون: ننصره بإظهار دينه، فينبغي أن يجوز ذلك انتهى. وهذا الذي قاله راجع إلى أن يصير سببا لأنه صار في الجملة ضمير عائد على الله، وهو تقديره بنصره وإظهار دينه، وإذا كان كذلك فلا خلاف في الجواز. وإنما منعوا حيث لا يكون رابط وانتصاب جهد على أنه مصدر مؤكد، والمعنى: أهؤلاء هم المقسمون باجتهاد منهم في الإيمان أنهم معكم؟ ثم ظهر الآن من موالاتهم اليهود ما أكذبهم في أيمانهم. ويجوز أن ينتصب على الحال، كما جوزوا في فعلته جهدك وقوله: إنهم لمعكم، حكاية لمعنى القسم لا للفظهم، إذ لو كان لفظهم لكان إنا لمعكم.
* (حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين) * ظاهره أنه من جملة ما يقوله المؤمنون اعتمادا في الأخبار على ما حصل في اعتقادهم أي: بطلت أعمالهم إن كانوا يتكلفونها في رأي العين. قال الزمخشري: وفيه معنى التعجب كأنه قيل: ما أحبط أعمالهم فما أخسرهم ويحتمل أن يكون إخبارا من الله تعالى، ويحتمل أن لا يكون خبرا بل دعاء إما من الله تعالى، وإما من المؤمنين. وحبط العمل هنا هو على معنى التشبيه، وإلا فلا عمل له في الحقيقة فيحبط وجوز الحوفي أن يكون حبطت أعمالهم خبرا ثانيا عن هؤلاء، والخبر الأول هو قوله الذين أقسموا، وأن يكون الذين، صفة لهؤلاء، ويكون حبطت هو الخبر. وقد تقدم ذكر قراءة أبي واقد والجراح حبطت بفتح الباء وأنها لغة.
* (خاسرين يأيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه) * وابن كعب والضحاك الحسن وقتادة وابن جريج وغيرهم: نزلت خطابا للمؤمنين عامة إلى يوم القيامة. ومن يرتد جملة شرطية مستقلة، وهي إخبار عن الغيب.
وتعرض المفسرون هنا لمن ارتد في قصة طويلة نختصرها، فنقول: ارتد في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم) مذ حج ورئيسهم عبهلة بن كعب ذو الخمار، وهو الأسود العنسي قتله فيروز على فراشه، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم) بقتله، وسمى قاتله ليلة قتل. ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم) من الغد، وأتى خبر قتله في آخر ربيع الأول وبنو حنيفة رئيسهم مسيلمة قتله وحشي، وبنو أسد رئيسهم طليحة بن خويلد هزمه خالد بن الوليد، وأفلت ثم أسلم وحسن إسلامه. هذه ثلاث فرق ارتدت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم)، وتنبأ رؤساؤهم. وارتد في خلافة أبي بكر رضي الله عنه سبع فرق. فزارة قوم عيينة بن حصن، وغطفان قوم قرة بن سلمة القشيري، وسليم قوم الفجاه بن عبد يا ليل، ويربوع قوم مالك بن نويرة، وبعض تميم قوم سجاح بنت المنذر وقد تنبأت وتزوجها مسيلمة وقال: الشاعر:
* أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها * وأصبحت أنبياء الله ذكرانا * وقال أبو العلاء المعري: