تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٤٢١
داخلا في جملة التنكيل به، فكأنه قيل: ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيعذب بالحشر إذا رأى أجور العاملين، وبما يصيبه من عذاب الله تعالى.
* (نصيرا يأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا) * الجمهور على أن البرهان هو محمد صلى الله عليه وسلم)، وسماه برهانا لأن منه البرهان، وهو المعجزة. وقال مجاهد: البرهان هنا الحجة، وقيل: الإسلام، والنور المبين هو القرآن.
* (فأما الذين ءامنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم فى رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما) * الظاهر أن الضمير في به عائد على لقربه وصحة المعنى، ولقوله: واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله. ويحتمل أن يعود على القرآن الذي عبر عنه بقوله: وأنزلنا إليكم نورا مبينا وفي الحديث: * (القرءان * حبل * الله * المتين * من) * والرحمة والفضل: الجنة. وقال الزمخشري: في رحمة منه وفضل في ثواب مستحق وتفضل انتهى. ولفظ مستحق من ألفاظ المعتزلة. وقيل: الرحمة زيادة ترقية، ورفع درجات. وقيل: الرحمة التوفيق، والفضل القبول. والضمير في إليه عائد على الفضل، وهي هداية طريق الجنان كما قال تعالى: * (سيهديهم ويصلح بالهم * ويدخلهم) * لأن هداية الإرشاد قد تقدمت وتحصلت حين آمنوا بالله واعتصموا، وعلى هذا الصراط طريق الجنة. وقال الزمخشري: ويهديهم إلى عبادته، فجعل الضمير عائدا على الله تعالى وذلك على حذف مضاف وهذا هو الظاهر، لأنه المحدث عنه، وفي رحمة منه وفضل ليس محدثا عنهما. قال أبو علي: هي راجعة إلى ما تقدم من اسم الله تعالى، والمعنى: ويهديهم إلى صراطه، فإذا جعلنا صراطا مستقيما نصبا على الحال كانت الحال من هذا المحذوف انتهى. ويعني: دين الإسلام. وقيل: الهاء عائدة على الرحمة والفضل لأنهما في معنى الثواب. وقيل: هي عائدة على القرآن. وقيل: معنى صراطا مستقيما عملا صالحا
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»