فيصير لكن ما يتلى عليكم أي: تحريمه فهو محرم. وإن كان المراد ببهيمة الأنعام الأنعام والوحوش، فيكون الاستثناآن راجعين إلى المجموع على التفصيل، فيرجع إلا ما يتلى عليكم إلى ثمانية الأزواج، ويرجع غير محلى الصيد إلى الوحوش، إذ لا يمكن أن يكون الثاني استثناء من الاستثناء الأول. وإذا لم يمكن ذلك، وأمكن رجوعه إلى الأول بوجه ما جاز. وقد نص النحويون على أنه إذا لم يمكن استثناء بعض المستثنيات من بعض كانت كلها مستثنيات من الاسم الأول نحو قولك: قام القوم إلا زيدا، إلا عمرا، إلا بكرا (فإن قلت): ما ذكرته من هذا التخريج الغريب وهو أن يكون المحل من صفة الصيد، لا من صفة الناس، ولا من صفة الفاعل المحذوف، يعكر عليه كونه كتب في رقم المصحف بالياء، فدل ذلك على أنه من صفات الناس، إذ لو كان من صفة الصيد لم يكتب بالياء، وبكون الفراء وأصحابه وقفوا عليه بالياء يأبى ذلك. (قلت): لا يعكر على هذا التخريج لأنهم كتبوا كثيرا رسم المصحف على ما يخالف النطق نحو: باييد بياءين بعد الألف، وكتبهم أولئك بواو بعد الألف، وبنقصهم منه ألفا. وكتابتهم الصالحات ونحوه بإسقاط الألفين، وهذا كثير في الرسم. وأما وقفهم عليه بالياء فلا يجوز، لأنه لا يوقف على المضاف دون المضاف إليه، وإنما قصدوا بذلك الاختبار أو ينقطع النفس، فوقفوا على الرسم كما وقفوا على * (سندع الزبانية) * من غير واو اتباعا للرسم. على أنه يمكن توجيه كتابته بالياء والوقف عليه بياء بأنه جاء على لغة الأزد، إذ يقفون على بزيد بزيدي بإبدال التنوين ياء، فكتب محلى بالياء على الوقف على هذه اللغة، وهذا
(٤٣٢)